وأمّا على القول بكونه مجازا ، فالمعروف في وجه تقديم التقييد كونه أغلب من التخصيص ، وفيه تأمّل.
____________________________________
ويدلّ على عدم التجوّز هنا مضافا إلى ما عرفت أنّا لا نفهم فرقا بين قولنا : اعتق رقبة مؤمنة بناء على كون التنوين للتمكّن وقوله تعالى : (وَجاءَ رَجُلٌ مِنْ أَقْصَى الْمَدِينَةِ)(١).
فكما أنّ الثاني حقيقة كذلك الأوّل ، فالتقييد ليس موجبا للتجوّز ؛ لأنه لو كان موجبا للتجوّز يلزم التجوّز في جميع مطلقات الكتاب والسنّة ؛ لتقارن القيود عليها بحسب اختلاف أحوال المكلّفين ، وإذا عرفت هذا ظهر لك أنّ إثبات ورود المطلقات في مقام بيان الإطلاق في جميع الأقسام المتقدّمة إنّما هو بمعونة عدم بيان القيد ، أعني : دليل الحكمة ، فعدم بيانه جزء من مقتضى الإطلاق بخلاف عموم العامّ لكونه بحسب الوضع ، فهو بنفسه مقتضي للعموم ، والتخصيص مانع منه ، فهو بضميمة أصالة عدم المخصّص صالح للبيانيّة ، فيقيّد به إطلاق المطلق». انتهى ما في الأوثق مع اختصار وتصرّف ما.
فنرجع إلى توضيح العبارة طبقا لما في شرح الاستاذ الاعتمادي.
وأمّا على القول بكونه مجازا ، نظير العامّ المخصّص ، كما هو المشهور ، فالمعروف في وجه تقديم التقييد كونه أغلب من التخصيص.
قال في الأوثق في وجه تحقّق الأغلبيّة ما هذا لفظه : ولا إشكال في تحقّق الأغلبيّة ؛ لأنهم وإن ادّعوا أنّه ما من عامّ إلّا وقد خصّ ، إلّا أنّه وارد على سبيل المبالغة لكثرة العمومات العرفيّة ، كما تقول : ما لقيت اليوم أحدا ، وما أكلت شيئا ، وما قرأت اليوم كتابا ، ونحو ذلك ، بخلاف المطلقات لندرة سلامتها عن التقييد ، بل لا يكاد يوجد لها مصداق في الخارج ؛ لأن منها ما هو واقع في حيّز الأخبار ، مثل جاءني رجل أو رأيت رجلا ونحوهما ، ولا ريب أنّها قد قيّدت بالوجود الخارجي ؛ لأن الأخبار في الغالب إنّما هو عن المعيّنات الخارجيّة.
ومنها : ما هو واقع في حيّز الطلب ولا أقلّ من تقييده بالأفراد المقدورة. وبالجملة أنّ وجود خطاب سالم عن التقييد طلبا ومطلوبا من حيث الزمان والمكان والإمكان ونحوها
__________________
(١) القصص : ٢٠.