وقد يستدلّ على ذلك بقولهم عليهمالسلام : (حلال محمّد صلىاللهعليهوآله حلال إلى يوم القيامة ، وحرامه حرام إلى يوم القيامة) (١).
وفيه : إنّ الظاهر سوقه لبيان استمرار أحكام محمّد صلىاللهعليهوآله ، نوعا من قبل الله جلّ ذكره ، إلى يوم القيامة في مقابل نسخها بدين آخر ، لا بيان استمرار أحكامه الشخصيّة إلّا ما خرج بالدليل ، فالمراد أنّ حلاله صلىاللهعليهوآله حلال من قبل الله جلّ ذكره إلى يوم القيامة ، لا أنّ الحلال من
____________________________________
وقد يستدلّ على ذلك ، أي : تقديم سائر المخالفات للظاهر على النسخ بقولهم عليهمالسلام : حلال محمّد صلىاللهعليهوآله حلال إلى يوم القيامة وحرامه حرام إلى يوم القيامة.
تقريب الاستدلال على ما في الأوثق ، هو أنّ الحلال والحرام في الحديث الشريف إمّا كناية عن مطلق الأحكام الشرعيّة ، وإمّا أنّه قد خصّصهما بالذكر لاهميّتهما من بين سائر الأحكام ، وعلى كلّ تقدير فالمراد استمرار مطلق أحكام محمّد صلىاللهعليهوآله.
فهذا الحديث الشريف يعطي قاعدة كلّيّة ، وهي استمرار كلّ حكم من الأحكام الشرعيّة إلى الأبد ، فتجعل هذه القاعدة مرجعا عند الشكّ في تحقّق النسخ ، لوضوح أنّه لا بدّ في تخصيصها من الاقتصار على ما علم نسخه شرعا.
فنقول في ما نحن فيه : إذا دار الأمر بين نسخ دليل وارتكاب خلاف الظاهر في دليل آخر فعموم الحديث الشريف حاكم على صرف التأويل إلى الدليل الآخر ، مع أنّ الأمر هنا دائر بين ارتكاب خلاف الظاهرين وارتكاب خلاف ظاهر واحد ؛ لأنه على تقدير النسخ يلزم تخصيص هذا الحديث الشريف وصرف الدليل الظاهر في الاستمرار عن ظهوره. بخلافه على تقدير ارتكاب خلاف الظاهر في الدليل الآخر.
ولا ريب أنّ الثاني اولى وأرجح لوجوب المحافظة على الظواهر بحسب الإمكان. وبالجملة أنّ عموم الحديث الشريف يوجب تقوية ظهور الحكم في الاستمرار وتقديم سائر التصرفات على النسخ.
وفيه : إنّ الاستدلال المذكور إنّما يتمّ فيما إذا كان المراد من استمرار أحكام محمد صلىاللهعليهوآله الشخصيّة ، وليس الأمر كذلك ، بل المراد من الاستمرار استمرار أحكامه صلىاللهعليهوآله
__________________
(١) الكافي ١ : ٥٨ / ١٩. الوسائل ٣٠ : ١٩٦ ، خاتمة الوسائل ، الفائدة السادسة.