فاستصحاب الحكم السابق لا معنى له فيبقى ظهور الكلام في عدم النسخ معارضا بظهوره في العموم ، ثمّ إنّ هذا التعارض إنّما هو مع عدم ظهور الخاصّ في ثبوت حكمه في الشريعة ابتداء وإلّا تعيّن التخصيص. نعم ، لا يجري في مثل العامّ المتأخّر عن الخاصّ.
ومنها : ظهور اللفظ في المعنى الحقيقي مع ظهوره مع القرينة في المعنى المجازي ، وعبّروا عنه بتقديم الحقيقة على المجاز ورجّحوها عليه. فإن أرادوا أنّه إذا دار الأمر بين طرح الوضع اللفظي بإرادة المعنى المجازي ، وبين طرح مقتضى القرينة في الظهور المجازي بإرادة المعنى الحقيقي ، فلا أعرف له وجها ؛ لأن ظهور اللفظ في المعنى المجازي إن كان مستندا إلى قرينة
____________________________________
ثمّ إنّ هذا التعارض ، أي : تساوي الاحتمالين في كلام واحد إنّما هو مع عدم ظهور الخاصّ في ثبوت حكمه في الشريعة ابتداء وإلّا ـ كما إذا قال في المثال المتقدّم : إكرام الفقهاء واجب في كلّ زمان ـ ، تعيّن التخصيص ، لأن في النسخ طرح الظهورين ، بخلاف التخصيص ، إذ فيه طرح ظهور واحد.
نعم ، لا يجري في مثل العامّ المتأخّر عن الخاصّ.
أي : لا يجري تعيّن التخصيص في مثل العامّ المذكور لعدم احتمال كون الخاصّ المتقدّم ناسخا للعامّ المتأخّر ، فيدور الأمر بين كون الخاصّ المتقدّم مخصّصا للعامّ المتأخّر ، وبين كون العامّ المتأخّر ناسخا للخاصّ المتقدّم ، ولا مزيّة لأحدهما على الآخر ، فيمكن حينئذ توهّم جريان استصحاب عدم النسخ.
ومنها : ظهور اللفظ في المعنى الحقيقي مع ظهوره مع القرينة في المعنى المجازي ، كما في رأيت أسدا ورأيت أسدا يرمي.
وعبّروا عنه بتقديم الحقيقة على المجاز ورجّحوها عليه. فإن أرادوا أنّه إذا دار الأمر بين طرح الوضع اللفظي بإرادة المعنى المجازي ، بأن يحمل الأسد في الأوّل أيضا على الرجل الشجاع ويطرح ظهوره في المفترس الناشئ من الوضع.
وبين طرح مقتضى القرينة في الظهور المجازي بإرادة المعنى الحقيقي.
بأن يحمل الأسد في الثاني أيضا على المفترس ويطرح ظهوره في الرجل الشجاع الناشئ عن القرينة ، ويحمل الرمي على غير معناه المتعارف ، كما في شرح الاستاذ الاعتمادي.