____________________________________
تخصيص قوله : أكرم العلماء بما عدا الكوفيّين من النحويين ـ الذي هو أخصّ الخاصّين ـ تصير النسبة بينه وبين قوله : لا تكرم النحويين العموم من وجه ؛ لأن النحوي يعمّ الكوفي وغيره ، والعالم غير الكوفي يعمّ النحوي وغيره ، فيتعارضان في العالم النحوي غير الكوفي.
ولكنّ هذا التوهّم فاسد ، إذ لا وجه لتخصيص العامّ بأخصّ الخاصّين أوّلا ، ثمّ تلاحظ النسبة بين الباقي تحت العامّ وبين الخاصّ الآخر ، مع أنّ نسبة العامّ إلى كلّ من الخاصّين على حدّ سواء ، فاللّازم تخصيص العامّ بكلّ منهما دفعة واحدة إن لم يلزم منه المحذور المتقدّم.
الصورة الثالثة : ما إذا ورد عامّ وخاصّان وكانت النسبة بين الخاصّين هي العموم من وجه ، كقوله : «أكرم العلماء» وقوله : «لا تكرم النحويين» ، وقوله : «لا تكرم الصرفيين» ، ولا إشكال في تخصيص العامّ بكلا الخاصّين. غاية الأمر يقع التعارض بين الخاصّين في مادّة الاجتماع بينهما وهو الصرفي النحوي ، فيرجع إلى الترجيح أو التوقف.
الصورة الرابعة : ما إذا ورد عامّان من وجه وخاصّ ، فإن كان مفاد الخاصّ إخراج مورد افتراق أحد العامّين تنقلب النسبة إلى العموم المطلق ، كما إذا ورد ـ بعد قوله : «لا تكرم النحويين» ، وقوله : «لا تكرم الصرفيين» ، قوله : «ويستحب إكرام النحوي غير الصرفي» ، فإنّه حينئذ يختصّ قوله : لا تكرم النحويين بالنحويين من الصرفيين ، فتنقلب النسبة بينه وبين قوله : لا تكرم الصرفيين إلى العموم المطلق.
وإن كان مفاد الخاصّ إخراج مورد الاجتماع تنقلب النسبة بين العامّين من وجه إلى التباين ، كما إذا قال في المثال المذكور : ويستحب إكرام الصرفي من النحويين ، فإنّه على هذا يختصّ قوله : لا تكرم النحويين بما عدا الصرفيين.
فحاصل ما ذكر أنّه اذا كان بين الدليلين العموم من وجه ، فتارة تنقلب النسبة إلى العموم المطلق إذا قام دليل ثالث على إخراج مادّة افتراق أحدهما عن الآخر ، واخرى تنقلب النسبة إلى التباين إذا كان مفاد الدليل الثالث إخراج مادّة الاجتماع.
الصورة الخامسة : ما إذا ورد دليلان متعارضان بالتباين ، فقد يرد دليل آخر خاصّ