فنقول توضيحا لذلك : إنّ النسبة بين المتعارضات المذكورة إن كانت نسبة واحدة فحكمها حكم المتعارضين ، فإن كانت النسبة العموم من وجه وجب الرجوع إلى المرجّحات ،
____________________________________
يوجب انقلاب النسبة من التباين إلى العموم المطلق ، وقد يوجب انقلابها إلى العموم من وجه.
أمّا الأوّل فهو كقوله : «أكرم العلماء» وقوله : «لا تكرم العلماء» ، ثمّ ورد دليل ثالث وأخرج عدول العلماء عن قوله : لا تكرم العلماء ، أعني : أكرم عدول العلماء ، فتنقلب النسبة بين قوله : لا تكرم العلماء وبين قوله : أكرم العلماء إلى العموم المطلق.
وأمّا الثاني ، فهو ما إذا ورد دليل رابع في المثال المذكور وخصّ به قوله : «أكرم العلماء الفقهاء» ، فإنّ النسبة بين قوله : «أكرم العلماء» بعد تخصيصه بالفقهاء وبين قوله : «لا تكرم العلماء» بعد تخصيصه بما عدا العدول هي العموم من وجه ، إذ نتيجة هذين التخصيصين أن يصير مفاد العامّ الأوّل أكرم العلماء الفقهاء ، ومفاد العامّ الثاني لا تكرم العلماء الفساق ، ومعلوم أنّ النسبة بينهما هي عموم وخصوص من وجه.
هذا كلّه في انقلاب النسبة بين الدليلين ، ومنه يظهر انقلاب النسبة بين أكثر من دليلين ، كقوله : أكرم العلماء ولا تكرم الفساق ويستحب إكرام الشعراء ، فإنّ النسبة بين الأدلّة الثلاثة هي العموم من وجه ، فقد تنقلب إلى التباين.
كما ورد دليل رابع وأخرج مورد الاجتماع ـ وهو العالم الفاسق الشاعر ـ عن مفاد الأدلّة الثلاثة ، فتنقلب النسبة بين الأدلّة الثلاثة إلى التباين بلا معارضة بينها.
وقد تنقلب النسبة إلى العموم المطلق ، كما إذا أخرج الدليل الرابع مورد الافتراق عن أحد الأدلّة الثلاثة ، فتصير النسبة بينه وبين الآخرين العموم المطلق. هذا تمام الكلام في جملة من الصور المتصوّرة بين الأدلّة المتعارضة ، وقد عرفت إجمالا أنّ انقلاب النسبة إنّما يتصوّر فيما إذا قلنا بوقوع التعارض بين الأدلّة بما لها من الحجّيّة لا بما لها من الظهور ، إذ حينئذ يقع التعارض بين حجّتين ، فبتغيّر مدلولهما تتغيّر النسبة بينهما.
فنرجع إلى توضيح العبارة طبقا لما في شرح الاستاذ الاعتمادي :
فنقول توضيحا لذلك : إنّ النسبة بين المتعارضات المذكورة إن كانت نسبة واحدة فحكمها حكم المتعارضين ، فإن كانت النسبة.