أمّا «الوجه الأوّل» ، فمع بعده عن مقام ترجيح أحد الخبرين المبني اعتبارهما على الكشف النوعي ، ينافيه التعليل المذكور في الاخبار المستفيضة المتقدّمة.
ومنه يظهر ضعف «الوجه الثالث» ، مضافا إلى صريح رواية أبي بصير عن أبي عبد الله عليهالسلام ، قال : (ما أنتم والله على شيء ممّا هم فيه ، ولا هم على شيء ممّا أنتم فيه ،
____________________________________
المخالفة لهم لا انحصاره في مضمون الخبر المخالف الذي يوافق أحد الاحتمالات المذكورة.
نعم ، يكون المخالف حينئذ أبعد من الباطل بالنسبة إلى الموافق لا أن تكون المخالفة أمارة الرشد والحقيّة ، ثمّ الوجه الرابع وإن لم يصرّح به في الأخبار العلاجيّة ، إلّا أنّه ممّا يدلّ عليه بعض الروايات ، كما أشار إليه بقوله :
ويدلّ عليه قوله عليهالسلام في رواية : (ما سمعته منّي يشبه قول الناس ففيه التقيّة ، وما سمعته منّي لا يشبه قول الناس فلا تقيّة فيه) ، بناء على أنّ المحكي عنه عليهالسلام مع عدالة الحاكي كالمسموع منه ، وأنّ الرواية مسوقة لحكم المتعارضين ، وأنّ القضيّة غالبيّة ، لكذب الدائمة.
حاصله على ما في شرح الاستاذ الاعتمادي أنّ دلالة الرواية على المطلوب ، أعني : حمل أحد المتعارضين على التقيّة موقوف على أمرين :
أحدهما : إثبات أنّ الرواية مسوقة لبيان حكم المتعارضين دون ما يأتي من أنّ المراد من الشباهة بقول الناس التفرّع على قواعدهم الفاسدة ، والإيراد عليه بلزوم بديهة عدم التقيّة في كلّ ما يوافقهم من المتعارضين مدفوع بالحمل على الغلبة دون الدوام ، إلّا أنّه لا طريق لإثبات ذلك بعد قوّة احتمال إرادة ما يأتي من المعنى.
ثانيهما : شمول الرواية للمتعارضين المحكيين وعدم اختصاصها بالمسموعين من جهة التعبير بالسماع ، وهذا ممّا يمكن إثباته ؛ لأنّ دليل الحجّيّة نزّل المحكي بمنزلة المسموع واحتمال دخالة السماع في الحكم بعيد جدا. هذا تمام الكلام في الوجوه الأربعة. ثمّ يشير إلى ما يرد على الوجوه المذكورة ، حيث قال :
أمّا «الوجه الأوّل» ، فمع بعده عن مقام ترجيح أحد الخبرين ؛ لأنّه إذا كان اعتبار الأخبار من باب الطريقيّة إلى الواقع ، فلا بدّ أن يكون ترجيح بعضهما على البعض الآخر