الثاني : إنّ بعض المحدّثين ، كصاحب الحدائق ، وإن لم يشترط في التقيّة موافقة الخبر لمذهب العامّة ، لأخبار تخيّلها دالّة على مدّعاه ، سليمة عمّا هو صريح في خلاف ما ادّعاه ، إلّا أنّ الحمل على التقيّة في مقام الترجيح لا يكون إلّا مع موافقة أحدهما ، إذ لا يعقل حمل أحدهما بالخصوص على التقيّة إذا كانا مخالفين لهم ،
____________________________________
بين الناس (١) انتهى مع اختصار.
الثاني : إنّ بعض المحدّثين ، كصاحب الحدائق ، وإن لم يشترط في التقيّة موافقة الخبر لمذهب العامّة وزعم أنّه كان يصدر عنهم عليهمالسلام خبران متعارضان مخالفان للعامّة أحدهما لبيان الواقع والآخر تقيّة.
لأخبار تخيّلها دالّة على مدّعاه.
منها : ما عن زرارة ، حيث قال : سألت من أبي جعفر عليهالسلام عن مسألة فأجابني فيها ، ثمّ جاء رجل آخر فسأله عنها فأجاب بخلاف ما أجابني ، ثمّ جاء آخر فأجابه بخلاف ما أجابني وأجاب صاحبي ، فلمّا خرج الرجلان قلت : يا بن رسول الله رجلان من العراق من شيعتكم قد يسألان فأجبت كلّ واحد منهما بغير ما أجبت به صاحبه؟ فقال : يا زرارة أنّ هذا خير لنا ولكم ، ولو اجتمعتم على أمر لصدقكم الناس علينا ، ولكان أقلّ لبقائنا وبقائكم (٢).
أي : لو اتفقت كلمتكم يفهمون أنّكم شيعتنا فيشتدّ بغضهم لكم ولنا فيصنعون ما هو صنعهم. فإنّ ظاهره أنّه كان يصدر منهم عليهمالسلام الأخبار المتعارضة لمجرّد إلقاء الخلاف من دون لحاظ موافقة العامّة.
سليمة عمّا هو صريح في خلاف ما ادّعاه ؛ لأن ما دلّ على حمل الموافق من المتعارضين على التقيّة لا ينفي وجود التقيّة فيما كان كلا المتعارضين مخالفا لهم.
إلّا أنّ الحمل على التقيّة في مقام الترجيح لا يكون إلّا مع موافقة أحدهما للعامّة ، إذ لا يعقل حمل أحدهما بالخصوص على التقيّة إذا كانا مخالفين لهم وفي نسخة وإن كانا مخالفين لهم.
وملخّص الكلام أنّ صاحب الحدائق وإن كان يحكم بوجود التقيّة مطلقا ، أي : وإن كانا
__________________
(١) الفقيه ٤ : ٢٥٩ / ٨٢٤. الوسائل ١٢ : ٢٥٢ ، أبواب أحكام العشرة ، ب ١٤١ ، ح ١.
(٢) علل الشرائع ٢ : ٩٨ / ١٦.