بقي هنا شيء : وهو أنّهم اختلفوا في تقديم المقرّر وهو الموافق للأصل على الناقل وهو الخبر المخالف له.
____________________________________
بقي هنا شيء : وهو أنّهم اختلفوا في تقديم المقرّر ... إلى آخره.
فلا بدّ أوّلا من بيان وجه تخصيص البحث عن الدليل المقرّر والناقل بالذكر بعد بيان حكم الترجيح بالأصل وعدمه ، وثانيا من بيان وجه تسمية الدليل الموافق للأصل مقرّرا والمخالف له ناقلا ، وثالثا من بيان الأقوال في المسألة.
أمّا الوجه في تخصيصه بالذكر ، فلكونه محلّا للنزاع برأسه ، وأمّا وجه التسمية ، فقد سمّي الموافق مقرّرا لتقريره الأصل على مقتضاه ، والمخالف ناقلا لنقله الحكم عن مقتضى الأصل.
وأمّا الأقوال ، فهي ستة على ما في الأوثق.
أحدها : تقديم المقرّر.
وثانيها : تقديم الناقل وهو المشهور.
وثالثها : التوقف.
ورابعها : التفصيل بين ما كان الخبران نبويّين وكانا معلومي التاريخ فيقدّم المتأخّر مطلقا ، سواء كان ناقلا أم مقرّرا ، وبين ما كانا مجهولي التاريخ أو كانا صادرين عن أحد الأئمة عليهمالسلام علم تاريخهما أو لا ، فقيل بالتوقف وقيل بتقديم الناقل وقيل بالعكس.
والتحقيق عدم الترجيح في المقام ، لا بموافقة الأصل ولا بمخالفته ، سواء قلنا باعتبار الاصول من باب التعبّد ، كما هو الحقّ أم من باب الظنّ.
أمّا على الأوّل ، فأوّلا : للأصل ؛ لأن الترجيح كأصل الحجّيّة يحتاج إثباته إلى دليل ، وعدمه كاف في إثبات عدم جواز الترجيح بالاصول ، لما ستعرف من ضعف أدلّة المثبتين.
وثانيا : إنّ الاصول غير جارية في مقابل الأدلّة ، سواء كانت مخالفة لها أو موافقة ، كما تقدّم من المصنف قدسسره.
وثالثا : إنّ مرتبة الاصول مع الأدلّة مختلفة لاعتبار الاولى من باب التعبّد والثانية من باب الطريقيّة والكشف عن الواقع ، فلا يصحّ الترجيح بها.
وأمّا على الثاني ، فإنّ المراد بالاصول هنا هي الاستصحاب والبراءة والاحتياط ،