وربّما يتوهّم أنّ عموم دليل الاستصحاب ، نظير قوله : أكرم العلماء ، وأنقذ كلّ غريق ، واعمل بكلّ خير ، في أنّه إذا تعذّر العمل بالعامّ في فردين متنافيين لم يجز طرح كليهما ، بل لا بدّ من العمل بالممكن وهو أحدهما تخييرا وطرح الآخر ، لأنّ هذا غاية المقدور. ولذا ذكرنا في باب التعارض أنّ الأصل في الدليلين المتعارضين مع فقد الترجيح التخيير بالشرط المتقدّم لا التساقط. والاستصحاب ـ أيضا ـ أحد الأدلّة ، فالواجب العمل باليقين السابق بقدر الإمكان ، فإذا تعذّر العمل باليقينين من جهة تنافيهما وجب العمل بأحدهما ولا يجوز طرحهما.
ويندفع هذا التوهّم : بأنّ عدم التمكّن من العمل بكلا الفردين إن كان لعدم القدرة على ذلك مع قيام المقتضي للعمل فيهما فالخارج هو غير المقدور ، وهو العمل بكلّ منهما مجامعا مع
____________________________________
المشتبهين ، بل بمعنى أنّه إذا لم يمكن امتثال العامّ في جميع أفراده لا بدّ من الامتثال بقدر الإمكان ، أو بمعنى أنّه إذا خرج من العامّ فرد ولا نعرفه وكان العمل بالعامّ مخالفة عمليّة مثلا فلا بدّ من التخيير ، كما في شرح الاعتمادي ، كما أشار إليه بقوله :
وربّما يتوهّم أنّ عموم دليل الاستصحاب ، نظير قوله : اكرم العلماء ، وأنقذ كلّ غريق ، واعمل بكلّ خير ، في أنّه إذا تعذّر العمل بالعامّ في فردين متنافيين لم يجز طرح كليهما ، بل لا بدّ من العمل بالممكن وهو أحدهما تخييرا وطرح الآخر ، لأنّ هذا غاية المقدور فيؤخذ به.
ولذا أي : لأجل أنّه إذا لم يمكن العمل بالعامّ في جميع أفراده يعمل به بقدر الإمكان ذكرنا في باب التعارض أنّ الأصل في الدليلين المتعارضين مع فقد الترجيح ، التخيير بالشرط المتقدّم أي : بناء على اعتبارهما من باب السببية لا التساقط ، والاستصحاب ـ أيضا ـ أحد الأدلّة ، فالواجب العمل باليقين السابق بقدر الإمكان ، فإذا تعذّر العمل باليقينين من جهة تنافيهما الناشئ عن العلم الإجمالي بارتفاع أحدهما وجب العمل بأحدهما ولا يجوز طرحهما.
والحاصل كما أنّه لو أمر بإكرام العلماء ، أو بإنقاذ الغرقى أو بالعمل بالأخبار ولم يتمكّن المكلّف من الامتثال في الكلّ يمتثل بالقدر الممكن ، كذلك دليل الاستصحاب يقتضي إبقاء كلّ متيقّن فإذا لم يمكن ذلك في كلا المشتبهين يعمل به في أحدهما.
ويندفع هذا التوهّم : بأنّ عدم التمكّن من العمل بكلا الفردين إن كان لعدم القدرة على