وقد ذكرنا ما عندنا في المسألة في مقدّمات حجّيّة الظنّ عند التكلّم في حجيّة العلم.
وأمّا الصورة الرابعة : وهي ما يعمل فيه بأحد الاستصحابين ، فهو ما كان أحد المستصحبين المعلوم ارتفاع أحدهما ممّا يكون موردا لابتلاء المكلّف دون الآخر ، بحيث لا يتوجّه على المكلّف تكليف منجّز يترتّب أثر شرعي عليه. وفي الحقيقة هذا خارج عن تعارض الاستصحابين.
____________________________________
نعم ، ربّما يشكل ذلك في الشبهة الحكميّة فيما إذا كانت الوقائع فيها متعدّدة ، فالالتزام بالإباحة فيها يوجب المخالفة القطعيّة ولو تدريجا ، وذلك أنّه إذا شكّ مثلا أنّ الجهر بالبسملة في الصلاة الإخفاتيّة واجب أو حرام ، فإجراء أصالتي عدم الوجوب والحكم بالإباحة ظاهرا موجب للمخالفة العمليّة القطعيّة ولو تدريجا حينما يجهر المكلّف في الصلاة ويخفت في اخرى.
وهذا الإشكال يجري في الشبهة الموضوعيّة ـ أيضا ـ إذا فرض فيها تعدّد الواقعة ، كما إذا تردّد وطء المرأة في عدّة أيام بين الوجوب والحرمة ، إلّا أنّه ربّما لا تتعدّد فيها الواقعة كما عرفت في بحث القطع ، فلا إشكال ـ حينئذ ـ في إجراء الأصلين.
وقد ذكرنا ما عندنا في المسألة من جواز المخالفة العمليّة تدريجا وعدمه في مقدّمات حجيّة الظنّ عند التكلّم في حجيّة العلم. هذا تمام الكلام في الصورة الثالثة.
وأمّا الصورة الرابعة : وهي ما يعمل فيه بأحد الاستصحابين ، فهو ما كان أحد المستصحبين المعلوم ارتفاع أحدهما ممّا يكون موردا لابتلاء المكلّف دون الآخر ، بحيث يتوجّه على المكلّف تكليف منجّز على أحد التقديرين ولا يتوجّه على المكلّف تكليف منجّز يترتّب أثر شرعي عليه على التقدير الآخر ، وقد عرفت أنّ العلم الإجمالي إنّما يمنع عن إجراء الأصلين إذا تعلّق بتكليف منجّز على كلّ تقدير لا على تقدير دون آخر.
وفي الحقيقة هذا خارج عن تعارض الاستصحابين.
كما أنّ الصورة الثالثة خارجة عنه ، والفرق بينهما مع خروجهما عن مسألة التعارض هو جريان الاستصحابين في الصورة الثالثة مع عدم معارضة بينهما وجريان الاستصحاب الواحد في هذه الصورة ، وذلك لعدم جريان الاستصحاب الموضوعي في ما لا يترتّب عليه أثر شرعي بلا واسطة لكونه أصلا مثبتا ، فلا يشمله دليل الاستصحاب كما أشار إليه