____________________________________
خاتمة
(في التعادل والترجيح)
وقبل الدخول في البحث ينبغي ذكر امور :
منها : لما ذا عبّر المصنف عن هذا البحث بلفظ الخاتمة ، المشعر بكونها خارجة عن المسائل الاصوليّة مع أنّها من أهم المسائل الاصوليّة؟ فنقول : إنّ التعبير بها ليس لأجل كون مسألة التعادل والتراجيح خارجة عن المسائل الاصوليّة ، بل لأجل كونها عارضة لجميع الأدلّة الأربعة ، فتكون مشتركة بين جميعها ، ولذا اخّرت عنها وجعلت خاتمة لها ، وإلّا فلا شبهة في كونها مسألة اصوليّة ، بل كونها مسألة اصوليّة هو المتيقّن من بين المسائل ، سواء جعلنا الميزان في كون المسألة اصوليّة صدق تعريف علم الاصول بأنّه العلم بالقواعد الممهّدة لاستنباط الأحكام الشرعيّة ، أو العلم الباحث عن عوارض الأدلّة ، أو اختصاص الانتفاع بالمجتهد أو التدوين في علم الاصول أو تصريح الاصوليّين ، وهذا بخلاف سائر المسائل الاصوليّة لإمكان المناقشة في اندراجها تحت علم الاصول ، ولذا قيل بأنّ مباحث الألفاظ من المبادئ اللغويّة لعدم اختصاصها بألفاظ الكتاب والسنّة وما يبحث فيه عن الحجيّة من المبادئ التصديقيّة ، لأنّ موضوع علم الاصول هو الأدلّة بعد الفراغ عن دليليّتها.
ومبحث المقدّمة والضدّ واجتماع الأمر والنهي من المبادئ الأحكاميّة ومباحث الاصول العمليّة من القواعد الفقهيّة ، وقد مرّ الجواب عن كلّ واحد منهما في محلّه ، وكيف كان ، فلا إشكال في كون هذه المسألة من المسائل الاصوليّة.
ومنها : لما ذا عبّر في الأوّل بلفظ المفرد حيث قال : التعادل وفي الثاني بلفظ الجمع ، أعني : التراجيح ، كما في بعض النسخ؟ فنقول بأنّ التعادل وإن كان له أقسام عديدة وكان مقتضى تعدّد الأقسام هو التعبير عنه بلفظ الجمع ، إلّا أنّ الأقسام المزبورة لم يختلف حكمها ، بل لجميعها حكم واحد ، فلذا عبّر عنه بلفظ المفرد ، وهذا بخلاف الترجيح حيث