____________________________________
تكون أقسامه عديدة وأحكامها مختلفة ، فلذا عبّر عنه بلفظ الجمع وإن جاز التعبير عنه بلفظ المفرد أيضا نظيرا إلى إرادة الجنس منه ، ولذا عبّر عنه بلفظ المفرد في بعض النسخ وفي غير كتاب الرسائل.
ومنها : ما هو المقصود من التعادل والتراجيح في المقام؟ فنقول بأنّ المراد من التعادل هو تساوي الدليلين وكون كلّ منهما معادلا للآخر ، والمراد من التراجيح هو تقديم أحدهما على الآخر بمزية من المزايا الآتية ، وبعبارة اخرى : إنّ التعادل مأخوذ من عدل الحمل ـ بالكسر ـ وهو نصفه ، فكأنّ الدليلين المتكافئين عدلا حمل ، لأجل تعادلهما وتساويهما ، والترجيح في الأصل هو إحداث الرجحان ، والمزية في أحد الشيئين المتقابلين ، وفي باب الأدلّة تقديم أحد الدليلين المتعارضين لأجل مزية فيه.
ومنها : بيان الفرق بين التعارض والتزاحم ، فنقول : إنّ التزاحم وإن كان يشترك مع التعارض في عدم إمكان اجتماع الحكمين ، إلّا أنّ عدم إمكان الاجتماع في التعارض إنّما يكون في مرحلة الجعل والتشريع بحيث يمتنع تشريع الحكمين ثبوتا ، لأنّه يلزم من تشريعهما اجتماع الضدّين أو النقيضين في نفس الأمر.
وأمّا التزاحم ، فعدم إمكان اجتماع الحكمين فيه إنّما يكون في مرحلة الامتثال بعد تشريعهما وإنشائهما على موضوعهما المقدّر وجوده ، وكان بين الحكمين في عالم الجعل والتشريع كمال الملاءمة من دون أن يكون بينهما مزاحمة في مقام التشريع والإنشاء ، وإنّما وقع بينهما المزاحمة في مقام الفعليّة بعد تحقّق الموضوع خارجا ، لعدم قدرة المكلّف على الجمع بينهما في الامتثال مع قدرته على امتثال أحدهما ، كما كان هناك غريقان لا يقدر المكلّف إلّا على انقاذ أحدهما.
فحاصل الفرق أنّ التعارض هو تنافي الحكمين في مقام التشريع والجعل من جهة التضادّ أو التناقض ، والتزاحم هو تنافيهما في مقام الفعليّة والامتثال من جهة عجز المكلّف عن امتثالهما ، كانقاذ الغريقين ، والأوّل يمنع عن جعلهما معا ، والثاني يمنع عن فعليّتهما معا ، والحاكم بالتخيير أو الترجيح في الأوّل هو الشرع وفي الثاني هو العقل.
نعم ، يدخل المتعارضان بناء على السببيّة بمقتضى الأصل الأوّلي في المتزاحمين