ومنه يعلم أنّه لا تعارض بين الاصول وما يحصّله المجتهد من الأدلّة الاجتهاديّة ، لأنّ موضوع الحكم في الاصول الشيء بوصف أنّه مجهول الحكم.
____________________________________
الظنّ بالخلاف.
وجه الاندفاع أنّ نظر هذا المحقّق في إخراج التعارض بين القطعي والظنّي عن تحت التعارض إنّما هو إلى ما ذكرنا من أنّ المعتبر في التعارض إنّما هو اعتبار كلّ من الدليلين حتى يقاوم أحدهما الآخر ، والظنّي لا يقاوم القطعي ، لا إلى أنّ حصول وصفي القطع والظنّ بالنسبة إلى المتعارضين غير معقول حتى ينتقض بأنّ الظنّين أيضا كذلك». انتهى.
والمتحصّل من الجميع : إنّه يعتبر اتّحاد الموضوع في التعارض سواء كان التنافي بين مدلولي الدليلين على نحو التناقض أو التضاد ، ومن اعتبار اتّحاد الموضوع يعلم أنّه لا يتحقّق التعارض بين الاصول العمليّة والأدلّة الاجتهاديّة لانتفاء اتّحاد الموضوع فيهما ، وقد أشار إليه بقوله : ومنه يعلم أنّه لا تعارض بين الاصول كأصالة حلّية العصير على تقدير الشكّ.
وما يحصّله المجتهد من الأدلّة لأنّ الأدلّة إمّا واردة على الاصول أو حاكمة عليها ، ولا تنافي بين الدليل الوارد والمورود والحاكم والمحكوم ، وذلك يحتاج إلى مقدّمة مشتملة على امور :
منها : هو الفرق بين الحكم الظاهري في مورد الاصول وبين الحكم الواقعي في مورد الأدلّة.
وملخّص الفرق : إنّ موضوع الحكم الظاهري هو الشيء بعنوان أنّه مجهول الحكم ، كشرب العصير المشكوك حكمه الواقعي ، والموضوع للحكم الواقعي في مورد الأدلّة هو الشيء بعنوانه الخاصّ ، كشرب العصير مثلا من دون أن يكون مقيّدا بالعلم أو الجهل ، فيمكن أن يكون العصير عند الشارع محكوما لكلا الحكمين ، ولا يلزم اجتماع الضدّين لتعدّد الموضوع ، لأنّ العصير بما هو مشكوك حلال وبما هو عصير حرام ، والأوّل للجاهل والثاني للعالم.
ومنها : إنّ الاصول على ستة أقسام :
ثلاثة منها شرعيّة وثلاثة منها عقليّة ، وموضوع الثلاثة الاولى ـ أعني : البراءة الشرعيّة