ثمّ إنّ التعارض ، على ما عرفت من تعريفه ، لا يكون في الأدلّة القطعيّة ، لأنّ حجيّتها إنّما هي من حيث صفة القطع ، والقطع بالمتنافيين أو بأحدهما مع الظنّ بالآخر غير ممكن ، ومنه يعلم عدم وقوع التعارض بين الدليلين تكون حجّيّتهما باعتبار صفة الظنّ الفعلي.
____________________________________
أنّه لا يكون دليلا على كون التقديم من باب الورود ، كي يكون كاشفا عن تقييد حجيّة الظواهر بعدم ظنّ معتبر على الخلاف ، بل يمكن أن يكون التقديم من باب الحكومة أو من باب الترجيح. هذا تمام الكلام في فرض التعارض بين الاصول والأدلّة ، وقد عرفت عدم التعارض بينهما ، لعدم اتّحاد موضوعهما وكون الأدلّة واردة أو حاكمة عليها.
ثمّ يبيّن المصنف قدسسره حكم فرض التعارض بين الأدلّة القطعيّة ، حيث يقول :
ثمّ إنّ التعارض ، على ما عرفت من تعريفه من تنافي مدلولي الدليلين كما لا يكون بين الاصول والأدلّة كما مرّ تفصيل ذلك ، كذلك لا يكون بين الأدلّة القطعيّة ، لاستحالة حصول القطع بالمتنافيين ، كما أشار إليه بقوله :
لأنّ حجيّتها إنّما هي من حيث صفة القطع ، والقطع بالمتنافيين أو بأحدهما مع الظنّ بالآخر غير ممكن.
وتوضيح الكلام في المقام يحتاج إلى مقدّمة ، وهي بيان صور تعارض الأدلّة ، فنقول : إنّ الدليل إمّا قطعي أو ظنّي ، والأوّل ما يكون قطعيّا من جميع الجهات ، أي : سندا ودلالة وجهة.
والثاني ما لم يكن كذلك من دون فرق بين ما يكون ظنّيا من جميع الجهات أو من البعض.
ثمّ المناط في حجيّة الدليل الظني إمّا هو الظنّ الشخصي أو النوعي ، ثمّ الثاني إمّا مطلق أو مقيّد بعدم الظنّ المعتبر على خلافه.
ثمّ صور التعارض مع إسقاط المكرّرات كما في التعليقة وشرح الاعتمادي عشرة ، ستة منها غير معقولة والباقي ممكن ومورد للبحث :
الصورة الاولى : هي تعارض القطعيّين.
والثانية : هي تعارض القطعي مع الظنّي الشخصي.
والثالثة : تعارض القطعي مع الظنّي النوعي المقيّد.