(م) ويمكن ان يقرر دليل الجواز اى جواز المخالفة فيه بوجه اخصر وهو انه لو وجب الالتزام فان كان باحدهما المعين واقعا فهو تكليف من غير بيان ولا يلتزمه احد وان كان باحدهما المخير فيه فهذا لا يمكن ان يثبت بذلك الخطاب الواقعى المجمل فلا بد له من خطاب آخر وهو مع انه لا دليل عليه غير معقول لان الغرض من هذا الخطاب المفروض كونه توصليا حصول مضمونه اعنى القيام بالفعل او الترك تخييرا وهو حاصل من دون الخطاب التخييرى فيكون الخطاب طلبا للحاصل وهو محال إلّا ان يقال ان المدعى بالخطاب التخييرى انما يدعى ثبوته بان يقصد منه التعبد باحد الحكمين لا مجرد مضمون احد الخطابين الذى هو حاصل فينحصر حينئذ دفعه بعدم الدليل.
(ش) يعنى يمكن تقرير جواز المخالفة الالتزامية بوجه آخر ولا يخفى ان هذا الدليل غير ما ذكر سابقا اذا لدليل السابق كان مبنيا على حكم العقل بجواز المخالفة الالتزامية وترك التخيير وهذا الدليل مبنى على عدم الدليل عليه على تقدير واستحالة قيامه عليه على تقدير آخر وتوضيح ما ذكره قدسسره : انه لو وجب الالتزام بحكم الله تعالى ولو فى صورة كونه معلوما بالاجمال فان كان باحدهما المعين فى الواقع المجهول عندنا وهو مع انه لا دليل عليه ظاهرا تكليف بمجهول بل بغير الممكن ذاتا ولذا لم يلتزمه احد وان كان باحدهما المخير فيه اى بكل منهما بالوجوب التخييرى فهذا لا يمكن اذ استفادة هذا الخطاب التخييرى من الخطاب الواحد الواقعى المردد عندنا بين خطابين غير ممكنة لان مقتضى الخطاب الواقعى هو التعيين دون التخيير فلو كان التخيير ايضا مرادا من الخطاب الواقعى للزم استعمال اللفظ فى اكثر من معنى واحد مضافا الى لزوم اجتماع التعيين والتخيير فى الشىء الواحد وهو غير معقول فاثبات التخيير فيما نحن فيه لا بد فيه من خطاب آخر من عقل او نقل وهو مع انه لا دليل عليه ولم يقع فى الشرع غير معقول لانه لو ثبت هذا الدليل الآخر من عقل او نقل لكان مدلوله هو حصول احد الحكمين من دون تعبد بمعنى القيام بالفعل او الترك تخييرا ومن الواضح ان هذا المعنى حاصل من الخطاب الاجمالى المفروض فى المقام من دون حاجة الى الخطاب التخييرى فيكون الخطاب التخييرى لغوا وتحصيلا للحاصل وهو ـ