وان كان باعتبار مفهوم الشرط كما يظهر من المعالم والمحكى عن جماعة ففيه ان مفهوم الشرط عدم مجيء الفاسق بالنبإ وعدم التبين هنا لاجل عدم ما يتبين فالجملة الشرطية هنا مسوقة لبيان تحقق الموضوع كما فى قول القائل ان رزقت ولدا فاختنه وان ركب زيد فخذ ركابه وان قدم من السفر فاستقبله وان تزوجت فلا تضيع حق زوجتك واذا قرأت الدرس فاحفظه قال سبحانه (وَإِذا قُرِئَ الْقُرْآنُ فَاسْتَمِعُوا لَهُ) و (إِذا حُيِّيتُمْ بِتَحِيَّةٍ فَحَيُّوا بِأَحْسَنَ مِنْها أَوْ رُدُّوها) الى غير ذلك مما لا يحصى ومما ذكرنا ظهر فساد ما يقال تارة ان عدم مجىء الفاسق يشمل ما لو جاء العادل بنبإ فلا يجب تبيّنه فيثبت المطلوب واخرى ان جعل مدلول الآية هو عدم وجوب التبين فى خبر الفاسق لاجل عدمه يوجب حمل السالبة على المنتفية بانتفاع الموضوع وهو خلاف الظاهر وجه الفسادان الحكم اذا ثبت بخبر الفاسق بشرط مجىء الفاسق به كان المفهوم بحسب الدلالة العرفية او العقلية انتفاء الحكم المذكور فى المنطوق عن الموضوع المذكور فيه عند انتفاء الشرط المذكور فيه ففرض مجىء العادل بنبإ عند عدم الشرط وهو مجىء الفاسق بالنبإ لا يوجب انتفاء التبين عن خبر العادل الذى جاء به لانه لم يكن مثبتا فى المنطوق حتى ينتفى فى المفهوم فالمفهوم فى الآية وامثالها ليس قابلا لغير السالبة بانتفاء الموضوع وليس هنا قضية لفظية سالبة دار الامر بين كون سلبها لسلب المحمول عن الموضوع الموجود او لانتفاع الموضوع
(اقول) ان كان الاستدلال بالآية باعتبار مفهوم الشرط كما يظهر من المعالم حيث قال فى تقريب الاستدلال انه سبحانه علّق وجوب التثبت على مجىء الفاسق فينتفى عند انتفائه عملا بمفهوم الشرط واذا لم يجب التثبت عند مجىء غير الفاسق فاما ان يجب القبول وهو المطلوب او الرد وهو باطل لانه يقتضى كونه أسوأ حالا من الفاسق وفساده بين.
(ففيه) ان مفهوم الشرط عدم مجىء الفاسق بالنبإ وعدم التبين هنا لاجل عدم ما يتبين فالشرط المذكور فى الآية لما كان ممّا يتوقف عليه وجود الجزاء