(احتج للاول) بالادلة الاربعة فمن الكتاب آيات (منها قوله تعالى (لا يُكَلِّفُ اللهُ نَفْساً إِلَّا ما آتاها) قيل دلالتها واضحة وفيه انها غير ظاهرة فان حقيقة الايتاء الاعطاء فاما ان يراد بالموصول المال بقرينة قوله تعالى قبل ذلك (وَمَنْ قُدِرَ عَلَيْهِ رِزْقُهُ فَلْيُنْفِقْ مِمَّا آتاهُ اللهُ) فالمعنى ان الله سبحانه لا يكلف العبد الا دفع ما اعطى من المال واما ان يراد نفس فعل الشىء او تركه بقرينة ايقاع التكليف عليه فاعطائه كناية عن الاقدار عليه فيدل على نفى التكليف بغير المقدور كما ذكره الطبرسى قدسسره (وهذا المعنى اظهر واشمل) لان الانفاق من الميسور داخل مما آتاه الله وكيف كان فمن المعلوم ان ترك ما يحتمل التحريم ليس غير مقدور وإلّا لم ينازع فى وقوع التكليف به احد من المسلمين وان نازعت الاشاعرة فى امكانه.
(اقول) انه استدل الاصوليون على الاباحة فى الشبهة التحريمية بالادلة الاربعة فمن الكتاب آيات (منها قوله تعالى (لا يُكَلِّفُ اللهُ نَفْساً إِلَّا ما آتاها) بتقريب ان المراد من الموصول هو الحكم والتكليف ومن الايتاء الاعلام لان الايتاء عبارة عن الاعطاء وهو فى الامور المعنوية والمطالب العلمية عبارة عن الاعلام بها حيث ان اعطاء كل شىء بحسبه فكان ايتاء التكاليف عبارة عن الاعلام بها بخطابه فتدل الآية المباركة على نفى التكليف عند الشك فيه اذ كان مفادها انه سبحانه لا يكلف عباده بشىء من احكامه إلّا بما اوصله اليهم بخطابه واعلمهم اياه (قيل) والقائل صاحب الفصول والمناهج ان الآية واضحة الدلالة على المدعى ولكن لم يذكرا فى تقريب الاستدلال شيئا.
(وكيف كان) فلا بد لنا من ذكر محتملات الآية الشريفة التى تعرّض لها الاعاظم من المحشين للكتاب بعضها يدل على المدعى وبعضها لا يدل عليه.
(احدها) ان يراد من الموصول خصوص المال ومن الايتاء الاعطاء والانفاق فالمعنى انه لا يكلف الله تعالى نفسا انفاق مال الا انفاق ما اعطاه من المال وهذا المعنى هو الظاهر من الآية بملاحظة سياقها صدرا وذيلا فراجع الآية الشريفة فى سورة الطلاق