هذه النصوص تدل بجلاء على أنّ انتخاب الخليفة عن طريق الاستفتاء الشعبي ، أو بمراجعة أهل الحلّ والعقد ، أو اتفاق الأنصار والمهاجرين ، أو بالشورى ، أو بالبيعة كلها فروض اختلقها المتكلّمون بعد تمامية الخلافة للخلفاء ، ولم يكن أي أثر من هذه العناوين بعد رحيل النبي صلىاللهعليهوآلهوسلم إلاّ شيئاً لا يذكر عند محاجة علي عليهالسلام مع المتقمّصين منصَّة الخلافة.
هذه الكلمات تعرب عن أنّ نظرية التنصيب هي التي كانت مهيمنة على الأفكار والعقول.
لقد بلّغ رسول الله صلىاللهعليهوآلهوسلم خلافة علي عليهالسلام بصورة رسمية في غدير خم كما سيوافيك ، ولكن لم يكن ذلك البلاغ بصورة عفوية بل هيّأ النبي صلىاللهعليهوآلهوسلم أرضيته منذ أن صدع بالنبوّة في مواقف مختلفة نذكر منها :
يقول المفسرون : لمّا نزل قوله سبحانه : ( وَأَنذِرْ عَشِيرَتَكَ الأَقْرَبِينَ * وَاخْفِضْ جَنَاحَكَ لِمَنِ اتَّبَعَكَ مِنَ المُؤْمِنِينَ ) ١ أمر رسول الله صلىاللهعليهوآلهوسلم عليّ بن أبي طالب عليهالسلام أن يعد طعاماً ولبناً ، فدعا خمسةًً وأربعين رجلاً من وجوه بني هاشم ، ولما فرغوا من الطعام تكلم رسول الله صلىاللهعليهوآلهوسلم ، فقال : « إنّ الرائد لا يكذب أهله ؛ والله الذي لاإله إلاّ هو إنّي رسول الله إليكم خاصة ، وإلى الناس عامة ، والله لتموتُنّ كما تنامون ، ولتبعثنّ كما تستيقظون ، ولتحاسبُنَّ بما تعملون ، وإنّها الجنّة أبداً أو النار أبداً.
__________________
١. الشعراء : ٢١٤ ـ ٢١٥.