بتفصيل في كتاب الغدير. ١
ولا أظن انّ ذا مسكة ومن له إلمام بعلم الحديث وقراءة الصحاح والمسانيد ينكر صحة حديث الغدير أو تضافره بل تواتره ، ولو أنكره فإنّما أنكره بلسانه لا بجنانه وقلبه اللّهمّ إلاّ إذا كان غير ملم بعلم الحديث.
وإنّما المهم دلالة الحديث على ولاية الإمام وإمامته.
وقد استخدم النبي صلىاللهعليهوآلهوسلم لفظة « مولى » وقال : « من كنت مولاه » فهي بمعنى أولى ، كما في قوله سبحانه : ( فَالْيَوْمَ لا يُؤْخَذُ مِنكُمْ فِدْيَةٌ وَلا مِنَ الَّذِينَ كَفَرُوا مَأْوَاكُمُ النَّارُ هِيَ مَوْلاكُمْ وَبِئْسَ المَصِيرُ ). ٢
والمعنى أولى بكم النار كما فسره غير واحد من المفسرين ، وهناك قرائن تؤيد على أنّ المقصود من المولى هو الأولى. الوارد في قوله سبحانه : ( النَّبِيُّ أَوْلَى بِالمُؤْمِنِينَ مِنْ أَنفُسِهِمْ ). ٣
وهناك قرائن لفظية محفوفة بالحديث وقرائن حالية تثبت انّ المراد من المولى هو الأولى الوارد في الآية المتقدمة ، وإليك تلك القرائن :
القرينة الأُولى : قوله صلىاللهعليهوآلهوسلم في صدر الحديث : « أَلَسْتُ أولى بِكُمْ مِنْ أَنفُسِكُمْ » وهو دليل على أنّ المراد من قوله : « فمن كنت مولاه » هو الأولى وذلك لأنّه رتب الثاني على الأوّل.
القرينة الثانية : دعاؤه في صدر الحديث : « اللّهم وال من والاه ، وعاد من عاداه » فلو أُريد منه غير الأولى بالتصرّف فما معنى هذا التطويل ؟ فانّه لا يلتئم
__________________
١. الغدير : ١ / ٧٣ ـ ١٥٢ ، تحت عنوان « طبقات الرواة من العلماء ».
٢. الحديد : ١٥. |
٣. الأحزاب : ٦. |