وقبل أن نخوض في تفسير الآيات ، نشير إلى مقدمة ، وهي :
إنّ العدلية تصف الله سبحانه بالعدل بالمعنى المتفق عليه بين العقلاء ، وبرهانها على ذلك هو انّ العقل قادر على تمييز الحسن عن القبيح ، والعدل عن الظلم ، والله سبحانه بما انّه حكيم لا يجور أبداً ، فهاهنا دعويان :
الأُولى : انّ العقل له القابلية على تمييز الحسن عن القبح ، وانّ التحسين والتقبيح من الأُمور المنوطة بقضاء العقل.
الثانية : إذا تبيَّن أنَّ العدل حسن والظُّلم قبيح فالله سبحانه موصوف بالعدل ، نزيه عن فعل الظلم. وإليك بيان كلا الدعويين.
أمّا الدعوى الأُولى فتدلُّ عليها أُمور :
إنّ التحسين والتقبيح من الأُمور البديهيَّة التي يدركها كلّ إنسان سليم الفطرة ، فمثلاً يدرك انّ العمل بالميثاق حسن ، والتخلّف عنه قبيح ، أو انّ جزاء الإحسان بالإحسان جميل ، وجزاءه بالسيّء قبيح. وهكذا سائر الأفعال التي توصف بالحسن والقبح.
وموضوع قضاء العقل بالحسن والقبح هو نفس الفعل بما هوهو ، سواء أكان الفاعل واجباً أم ممكناً ، خالقاً أم مخلوقاً ، فيوصف الفعل من أي فاعل صدر بأحد الوصفين.
وبعبارة
أُخرى : كما أنّ مسائل الحكمة النظرية تنقسم إلى
نظرية وبديهية ، ويستنبط حكم الأُولى من الثانية ، ولذلك عدّوا مسألة امتناع اجتماع النقيضين أو