من سبر كتب التفسير والحديث يجد أنّ الإمام عليّ بن أبي طالب عليهالسلام هو المفسر الأكبر بعد النبي صلىاللهعليهوآلهوسلم ، فعنه أخذ كثير من الصحابة. قال السيوطيّ : أمّا الخلفاء فأكثر ما روي عنه منهم عليّ بن أبي طالب عليهالسلام ، والرواية من الثلاثة نزرة جداً ، فأمّا عليّ عليهالسلام فروي عنه الكثير. وقد روى معمّر عن وهب بن عبد الله ، عن أبي الطفيل قال : شهدت عليّاً يخطب ، فيقول : « فوالله لا تسألوني عن شيء إلاّ أخبرتكم ، وسلوني عن كتاب الله ، فوالله ما من آية إلاّ وأنا أعلم أبليلٍ نزلت أم بنهار ، في سهل أم في جبل ».
وأخرج أبو نعيم في الحلية عن ابن مسعود ، قال : إنّ القرآن أُنزل على سبعة أحرف ، ما منها حرف إلاّ وله ظهر وبطن ، وإنّ عليّ بن أبي طالب عنده منه الظاهر والباطن.
وأخرج أيضاً من طريق أبي بكر بن عيّاش ، عن نصير بن سليمان الأحمسيّ ، عن أبيه ، عن عليّ ، قال : « والله ما نزلت آية إلاّ وقد علمت فيم أُنزلت ؟ وأين أُنزلت ؟ أنّ ربّي وهب لي قلباً عقولاً ، ولساناً سؤولاً ». ١
يقول الذهبي في مكانة « عليّ » في التفسير : جمع علي رضي الله عنه إلى مهارته في القضاء والفتوى ، علمه بكتاب الله وفهمه لأسراره وخفيّ معانيه ، فكان أعلم الصحابة بمواقع التنزيل ، ومعرفة التأويل ، فقد روي عن ابن عبّاس أنّه قال : ما أخذت من تفسير القرآن فعن علي بن أبي طالب عليهالسلام. ٢
__________________
١. الإتقان : ٤ / ٢٠٤.
٢. التفسير والمفسّرون : ١ / ٨٩ ـ ٩٠.