يُغسل ، ثمّ قال : ( وَأَيْدِيَكُمْ إِلَى المَرَافِقِ ) فوصل اليدين إلى المرفقين بالوجه ، فعرفنا أنّه ينبغي لهما ، أن يُغسلا إلى المرفقين ، ثمّ فصل بين الكلام فقال : ( وَامْسَحُوا بِرُءُوسِكُمْ ) فعرفنا حين قال : ( بِرُءُوسِكُمْ ) أنّ المسح ببعض الرأس لمكان الباء ، ثمّ وصل الرجلين بالرأس كما وصل اليدين بالوجه ، فقال : ( وَأَرْجُلَكُمْ إِلَى الْكَعْبَيْنِ ) فعرفنا حين وصلهما بالرأس أنّ المسح على بعضهما ، ثمّ فسّر ذلك رسول الله صلىاللهعليهوآلهوسلم للناس فضيّعوه ... . ١
الإمام أبو عبد الله جعفر الصادق عليهالسلام من أبرز أئمّة المسلمين ، ولد في حجر الرسالة ، ونشأ في بيت النبوّة ، وترعرع في ربوع الوحي ، وتربّى بين جدّه زين العابدين ، وأبيه الإمام الباقر عليهالسلام ولد عام ( ٨٣ ه ) ، واستشهد في خلافة المنصور عام (١٤٨). نشأ في عصر تنازعت فيه الأهواء ، واضطربت فيه الأفكار ، وتلاطمت أمواج الظلم والإرهاب. فبينما كان القوم يتنازعون في الرئاسة ، والتسنّم على عرش الخلافة ، واشتعلت نيران الحرب بين الأمويّين والعباسيّين ، اغتنم عليهالسلام الفرصة وأعطى للأُمّة دروساً خالدة ، وغذّى تلاميذه بروح العلم والتفكير ، وغرس في قلوبهم بذور المعارف الإلهية ، وشحذ أذهانهم ، وأرهف طباعهم ، فتخرّج من مدرسته أعلام يستضاء بأنوارهم.
وقد نقل المؤرّخون أنّه « نقل الناس عن الصادق عليهالسلام من العلوم ما سارت به الركبان ، وانتشر ذكره في البلدان ، ولم ينقل عن أحد من أهل بيته صلىاللهعليهوآلهوسلم العلماء ما نقل عنه ، ولا لقي أحد منهم من أهل الآثار ونقلة الأخبار ، ولا نقلوا عنهم مثلما
__________________
١. وسائل الشيعة : ١ / ٢٩٠ ـ ٢٩١ ، الباب ٢٣ من أبواب الوضوء ، الحديث ١.