تُدْرِكُهُ الأَبْصَارُ ) و ( وَلا يُحِيطُونَ بِهِ عِلْمًا ) و ( لَيْسَ كَمِثْلِهِ شَيْءٌ ) ثمّ يقول : انا رأيته بعيني ، وأحطت به علماً ، وهو على صورة البشر ؟! أما تستحيون ؟ ما قدرت الزنادقة أن ترميه بهذا ، أن يكون يأتي من عند الله بشيء ، ثمّ يأتي بخلافه من وجه آخر ». قال أبو قرّة : فانّه يقول : ( وَلَقَدْ رَآهُ نَزْلَةً أُخْرَى ) فقال أبو الحسن عليهالسلام : « إنّ بعد هذه الآية ما يدلّ على ما رأى حيث قال : ( مَا كَذَبَ الْفُؤَادُ مَا رَأَى ) يقول : ما كذب فؤاده ما رأت عيناه ، ثمّ أخبر بما رأى ، فقال : لقد رأى من آيات ربّه الكبرى ، فآيات الله غير الله ، وقد قال : ( وَلا يُحِيطُونَ بِهِ عِلْمًا ) ، فإذا رأته الأبصار فقد أحاطت به العلم ووقعت المعرفة » ، فقال أبو قرّة : فتكذب بالروايات ؟ فقال أبو الحسن : « إذا كانت الروايات مخالفة للقرآن كذبتها ، وما أجمع المسلمون عليه أنّه لا يحاط به علماً ، ولا تدركه الأبصار ، وليس كمثله شيء ». ١
الإمام أبو جعفر محمد الجواد من أئمّة أهل البيت ، وهو تاسع الأئمّة عند الشيعة ، ولد عام ( ١٩٥ ه ) ٢ ورث الشرف من آبائه وأجداده ، واستسقت عروقه من منبع النبوّة ، ورضعت شجرته ثدي الرسالة ، وتهدّلت أغصانه ثمر الإمامة. قام بأمر الولاية ، بعد شهادة والده الرضا عليهالسلام عام ( ٢٠٣ ه ) ، واستشهد هو مثل الوالد ببغداد عام ( ٢٢٠ ه ) أدرك خلافة المأمون ، وأوائل خلافة المعتصم. روى عنه لفيف من المحدّثين والفقهاء ، يربو عددهم على (١٢١) ٣ ، وروى عنه في مجال
__________________
١. تفسير البرهان : ٤ / ٢٤٨.
٢. تاريخ بغداد : ٣ / ٥٥ ؛ وابن خلكان في وفيات الأعيان : ٣ / ٣١٥.
٣. مسند الإمام محمد الجواد العطاردي ، وقد خصّ باباً للرواة عن الإمام عليهالسلام.