الإمام علي الهادي عليهالسلام ، الإمام العاشر ، والنور الزاهر ، ولد عام ( ٢١٢ ه ) وتوفي بسامراء سنة ( ٢٥٤ ه ) وهو من بيت الرسالة ، والإمامة ، ومقر الوصاية ، والخلافة ، وثمرة من شجرة الرسالة ، قام بأمر الإمامة بعد والده الإمام الجواد ، وكان في سني إمامته ، بقية ملك المعتصم ثمّ الواثق والمتوكّل والمنتصر والمستعين والمعتزّ ، وله مع هؤلاء قضايا ليس المقام يسع ذكر البعض ، وقد روت الشيعة عنه أحاديث في مجال الفقه والتفسير ، وإليك نماذج ممّا روي عنه في الأخير :
١. قُدِّم إلى المتوكل رجل نصراني فجر بامرأة مسلمة فأراد أن يقيم عليه الحدّ ، فأسلم فقال يحيى بن أكثم : الإيمان يمحو ما قبله ، وقال بعضهم : يضرب ثلاثة حدود ، فكتب المتوكّل إلى الإمام الهادي يسأله ، فلمّا قرأ الكتاب ، كتب : « يضرب حتى يموت » ، فأنكر الفقهاء ذلك ، فكتب إليه يسأله عن العلّة ، فكتب : بسم الله الرّحمن الرّحيم ( فَلَمَّا رَأَوْا بَأْسَنَا قَالُوا آمَنَّا بِاللهِ وَحْدَهُ وَكَفَرْنَا بِمَا كُنَّا بِهِ مُشْرِكِينَ * فَلَمْ يَكُ يَنفَعُهُمْ إِيمَانُهُمْ لَمَّا رَأَوْا بَأْسَنَا سُنَّتَ اللهِ الَّتِي قَدْ خَلَتْ فِي عِبَادِهِ وَخَسِرَ هُنَالِكَ الْكَافِرُونَ ) ١ فأمر به المتوكّل فضرب حتى مات. ٢
إنّ الإمام الهادي عليهالسلام ببيانه هذا شقّ طريقاً خاصّاً لاستنباط الأحكام من الذكر الحكيم ، طريقاً لم يكن يحلم به فقهاء عصره ، وكانوا يزعمون أنّ مصادر الأحكام الشرعيّة هي الآيات الواضحة في مجال الفقه التي لا تتجاوز ثلاثمائة آية ، وبذلك أبان للقرآن وجهاً خاصاً لا يلتفت إليه إلاّ من نزل القرآن في بيته ، وليس
__________________
١. غافر : ٨٤ ـ ٨٥.
٢. مناقب آل أبي طالب : ٤ / ٤٠٥.