جملة من الإسرائيليات في ثنايا تفاسيرهم ، وما ذلك إلاّ لأنّ تلك الأفكار كانت رائجة إلى حدّ كان يعدّ الجهل بها ، وعدم نقلها قصوراً في التفسير وقلّة اطلاع فيه ، ولأجل ذلك لم يجد شيخ الطائفة محمد بن الحسن الطوسي بداً من نقل آراء هؤلاء في تفسيره « التبيان » ، وتبعه أمين الإسلام في تفسير « مجمع البيان » ، ولكن لم يكن ذكرهم لآراء هؤلاء لأجل الاعتماد عليهم والركون إليهم ، وإنّما ألجأتهم إليه الضرورة الزمنيّة والسياسة العلمية السائدة على الأوساط آنذاك.
إذا وقفت على أئمّة التفسير وأساتذته ، فهلمّ معي ندرس حياة شيعتهم ممّن خدموا القرآن في عصرهم ، وبعدهم وهم الذين تربّوا في حجورهم ، وارتووا من نمير علمهم الصافي ، وتمسّكوا بأهداب معارفهم ، وقد خدموا القرآن بمختلف أشكال الخدمة ، نشير إليها على وجه الإجمال ، ونحيل التفصيل إلى آونة أُخرى.
ارتحل النبيّ الأكرم صلىاللهعليهوآلهوسلم ، فعكف المسلمون على دراسة القرآن ، ولكن أوّل ما فوجئوا به كان هو قصور باع لفيف منهم عن معرفة معاني بعض ألفاظه ، فما هذا إلاّ لأنّ في القرآن ما قد ورد بغير لغة أهل الحجاز. انّ القرآن وإن نزل بلغة أهل الحجاز بشكل عام ، لكن ربّما وردت فيه ألفاظ ذائعة بين القبائل الأُخرى ، وقد عقد السيوطي باباً فيما ورد في القرآن بغير لغة أهل الحجاز ١ ، وأظنّ أنّه قد أفرط في هذا الباب ، ولكنّه لا يمكن إنكار هذا الأصل في القرآن الكريم من أساسه ، وممّا يشهد بذلك ( مفاجأة المسلمين بغريب القرآن ) ما رواه القرطبي في تفسيره فقال :
__________________
١. الإتقان : ٢ / ٦٩ ـ ١٠٤.