لقد حل القرن الخامس ، في حين استفحل أمر الفرق الإسلامية ، وتشتّت المذاهب الكلامية فيما يرجع إلى المبدأ والمعاد خصوصاً في أسمائه وصفاته ، وهم :
بين مشبّه لله سبحانه بمخلوقه « يثبت له يداً ورجلاً ووجهاً وحركةً » وانتقالاً كالإنسان ، ويكفر من ينكر ذلك ، ويباهي بعقيدته ، ويرفع عقيرته : بأنّا نثبت لله سبحانه ما أثبته لنفسه في الكتاب والسنّة ، وكأنّهم لم يسمعوا قوله سبحانه : ( لَيْسَ كَمِثْلِهِ شَيْءٌ ) أو قوله عزّ من قائل : ( مَا قَدَرُوا اللهَ حَقَّ قَدْرِهِ ).
وبين معطّل في فهم الأسماء والصفات فيفوض معانيها إلى الله سبحانه ، ويرتدع عن تفسيرها على ضوء الكتاب والسنّة والعقل ، وكأنّ القرآن لم ينزل إلاّ للقراءة والكتابة ، لا للفهم والدراية ، وكأنّ الوحي لم ينقر أسماعهم ( أَفَلا يَتَدَبَّرُونَ الْقُرْآنَ أَمْ عَلَى قُلُوبٍ أَقْفَالُهَا ).
وبين مؤوّل للآيات حسب عقيدته وفكرته يُخضعون كلام الله لآرائهم ، وكأنّ النبي الأكرم صلىاللهعليهوآلهوسلم لم يحذّرهم عن تفسير القرآن بالرأي ولم يقل : « من فسّر القرآن برأيه فليتبوأ مقعده من النار ».
ففي هذه الظروف القاسية قام علماء الشيعة بتفسير القرآن تفسيراً علمياً غير مائلين لا إلى اليمين ولا إلى الشمال ، غير عاضدين لهذه الفرق ، مقتفين أثر الكتاب العزيز ، مستلهمين من أثر الرسول ، ومتدبّرين في الآيات ، فألّفوا في هذا المجال موسوعات تفسيريّة لم تزل تشعّ منذ تكوّنها إلى يومنا هذا ، وإليك أسماءهم :
٣٣. أبو الحسن الشريف الرضي : نقيب العلويّين ، محمّد بن الحسين بن