قد تعرّفت على خدمة الشيعة للذكر الحكيم منذ رحلة صاحب الرسالة إلى يومنا هذا ، ولعلّ ما مرّ عليك أقلّ من معشار ما حفظته يد التاريخ ومعاجم التفسير والرجال ، فحقيق على كلّ من يحب الحقّ والحقيقة تقدير تلكم الثلّة الجليلة من الأُمّة ، ومن حسن الحظ أنّه قام بذلك الواجب الضمائر الحرّة من أهل العلم والفضل شكر الله مساعيهم.
بيد أنّ بعض المتسرّعين في القضاء أرادوا اتّهام تفاسير الشيعة بأُمور :
١. تعصّبهم لأثبات معتقداتهم ومقالاتهم.
٢. كون تفاسيرهم تفاسير طائفيّة.
٣. قولهم بتحريف الذكر الحكيم.
وإليك شرح تلك الاتهامات ونقدها.
أمّا الأوّل : فقد أشار إليه الدكتور الذهبي في كتابه « التفسير والمفسّرون » ، واستدلّ بمواضع من تفاسير الشيعة كمسألة الرؤية ، والمسح على الرجلين ، وحلّيّة المتعة إلى غير ذلك ، حيث إنّ الشيخ الطبرسي يسعى في تلك الموارد لإثبات مذهب الشيعة.
يلاحظ عليه : أنّه لو كان ذلك أمراً خطأ فهو شامل لحال جميع التفاسير من غير فرق بين السنّة والشيعة ، فانّ الطبرسي ونظراءه لو أصرّوا على إثبات امتناع رؤية الله ـ تبارك وتعالى ـ عند الوصول إلى تفسير قوله سبحانه : ( لاَّ تُدْرِكُهُ الأَبْصَارُ وَهُوَ يُدْرِكُ الأَبْصَارَ وَهُوَ اللَّطِيفُ الخَبِيرُ ) ١ فالرازي وهو من أئمّة
__________________
١. الأنعام : ١٠٣.