الطِّينِ كَهَيْئَةِ الطَّيْرِ ).
فمقتضى الجمع بين الآيات التي تحصر الخالقية في الله سبحانه ولا ترى خالقاً غيره ، والآيات التي تعترف بتأثير العلل بعضها في بعض ، وتنسب الخلقة إلى غيره سبحانه إيضاً ، هو القول بأنّ المقصود من حصر الخالقية في الله هو الخالقية النابعة من ذات الخالق غير المعتمد على شيء.
وأمّا الخالقية التبعية والظلية والتأثير الحرفي فهي قائمة بالعلل والأسباب التي أوجدها سبحانه وصيَّرها على نظام العلل والمعاليل والمسببات ، ولا منافاة بين ذلك الحصر ونفيه عن الغير ، وإثباته للآخرين ، لأنّ المحصور فيه سبحانه هو الخالقية التي يستقل الفاعل في خلقه عن غيره ، والمثبت لغيره هو القيام بالتأثير والخالقية التي أذن به سبحانه حيث إنَّ قيام الجميع من العلل والمعاليل به سبحانه.
وبذلك يظهر أمران :
الأوّل : انّ الاعتراف بالتوحيد في الخالقية الذي هو أصل من الأُصول لا يخالف الاعتراف بنظام العلل والمعاليل في الطبيعيات والفلكيات بل في عالم المجردات ، فانّه سبحانه خلق لكلّ شيء سبباً وجعل لها قدراً وقضاءً.
الثاني : انّ الاعتراف بالتوحيد في الخالقية لا يلازم الجبر وسلب المسؤولية عن الإنسان على وجه يكون كالريشة في مهبِّ الرياح ، بل له وجود بإيجاد الله سبحانه وقدره وإرادته وبأمر منه سبحانه.
قد وقع تعلَّق علمه سبحانه بكلّ ما وقع ويقع ، ذريعة للقول بالجبر ،