مباحث الدلالات ، وأحدها (الدلالة الوضعية اللفظية) ، وهو الموضوع الأوّل في المقدّمة اللغوية للشيخ مَيْثَم.
إنّ مفهوم (اللفظ) عند علماء المنطق والأصول لا يقتصر على مجرّد عملية النطق ، سواءٌ أفادت أم لم تفد ، كما قد نجد عند النحويين ، بل ارتبط مفهوم (اللفظ) ارتباطاً وثيقاً بـ : (الدلالة) ، فلا يعدّ (اللفظ) في البحث الأصولي والمنطقي «الصوت المشتمل على بعض الحروف سواءٌ دلّ على معنىً كزيد أو لم يدلّ كديز مقلوب زيد»(١) ، وهو المفهوم النحوي ، إذْ للفظ حالتان : فمرّةً يكون دالاًّ على معنىً فيسمّى (مستعملاً) ، وأخرى يكون غير دالّ على معنىً ، وهو المسمّى (مهملاً)(٢).
بل إنّ بعض الباحثين قرّروا أنّ «اللفظ والكلمة والكلام كلّها بمعنىً واحد عند الأصوليّين»(٣) ، ومن ثمّ حقّ لهم القول «إنّ (اللفظ) في البحث الأصولي هو الوحدة اللغوية الدالّة»(٤).
إنّ هذا المفهوم للّفظ عند الأصوليّين وأصحاب المنطق يظهر بوضوح تامّ من خلال تتبّع تعاملهم معه ، فهؤلاء لا يعنيهم اللفظ بحدّ ذاته ، فدراسته ليست من أجله ، بل من أجل الوصول إلى المعاني ، ولذلك يتوسّع المنطقي
__________________
(١) قطر الندى وبلّ الصدى : ٣٧.
(٢) نفس المصدر : ٣٨.
(٣) التصوّر اللغوي عند علماء أصول الفقه : ٧٣.
(٤) نفس المصدر : ٧٤.