يوضّحها ، وصولاً إلى الدلالة (الوضعية اللفظية) التي محلّ بحثنا ، ذاكراً أسباب الوقوف عندها دون سواها ؛ حتّى يعلم القارئ موضع هذا البحث وهذه الدلالة من مبحث الدلالات عموماً.
أمّا الدلالة العقلية فهي التي يحكم العقل بوجودها بين الدالّ والمدلول فيما إذا كان بينهما ملازمة ذاتية في وجودهما الخارجي(١) ، كالعلاقة بين العلّة والمعلول ، فإنّه عندما يوجد المعلول يحكم العقل بوجود العلّة ، وهي على قسمين ؛ لفظية وغير لفظية.
فالدلالة العقلية اللفظية مثل : دلالة اللفظ المسموع من وراء الجدار على وجود اللافظ ، وأمّا الدلالة العقلية غير اللفظية كدلالة رؤية الدخان على وجود نار(٢).
وأمّا الدلالة الطّبَعية : فهي التي تكون الملازمة بين الدالّ والمدلول بسبب اقتضاء الطبع. أمّا اللفظية منها كدلالة لفظ (آخ) على التألّم ، وأمّا غير اللفظية فكدلالة حمرة الوجه على الخجل(٣).
والفرق بين العقلية والطبَعية أنّ في الطبَعية قد تختلف الدوال وتتخلف عن مدلولاتها باختلاف طباع الناس ، بخلاف العقلية ، فالدلالة فيها أبدية لا تتخلّف ، فمتى ما وُجِد الدالّ وُجِد المدلول لعدم انفكاكهما(٤).
__________________
(١) المقرّر للحيدري ١/ ٤٨ ، مذكّرة المنطق : ٣٧.
(٢) شرح المطالع للرازي ١/١٠٣.
(٣) مذكّرة المنطق للفضلي : ٣٨.
(٤) التجريد الشافي للدسوقي : ٦٣ ومذكّرة المنطق للفضلي : ٢٨.