حينئذ موضوع للكلّ والجزء»(١) ، وهو مثالٌ عقليّ آخر مقرّر في كتب المنطق والفلسفة يورده الشيخ مَيْثَم ، فهو إذْ يعرض مسألةً لغويةً يطرح مثالاً أقرب ما يكون إلى الفلسفة ، وهو مفهوم (الممكن) وتقسيمه إلى (عامّ وخاصّ) ، فالبحراني لا يستطيع التحرّر من (العقل المكوِّن) ، أي المرتكز الفكري والعقلية المسيطرة عليه ، وهي العقلية الفلسفية التي طالما امتُدِح بها.
وقد مثّل بعضهم بمثال آخر أكثر أُلفة ، وهو لفظ (الحرف) ، «فإنّه موضوعٌ لكلّ حروف المعاني ولجزئه ، فإنّ (ليْت) مثلاً حرف ، ولكلّ واحد من اللام والياء والتاء يُقال له : حرف»(٢).
أمّا الثاني ، أي دلالة اللفظ على تمام معناه ولازمه ، فقد أفاد بعضهم أنّ التمثيل له «عسر مع إمكانه»(٣) ، فكأنّهم حكموا بإمكان وجوده نظريّاً أو عقليّاً واستصعبوه فعليّاً ، ومع ذلك فقد مثّل الشيخ له بلفظ (الشمس) ، فهو يطلق على ذلك الجرم السماوي المعروف كما يطلق على النور اللازم له ، وبهذا التقييد لا تنتقض الدلالة ؛ لأنّ هذه الدلالة ـ وإنْ كانت على ما وضع له ـ «ليست من حيث هو موضوع له ، بل من حيث هو لازمه»(٤).
من هنا نفهم أنّ الشيخ مَيْثَم قد أضاف هذين القيدين (من حيث هو جزؤه) و (من حيث هو لازم له) ، احترازاً من كلّ سابق ، متميّزاً في ذلك عن
__________________
(١) البحر المحيط في أصول الفقه ٢/٣٨.
(٢) نفس المصدر ، نقلاً عن بعض الفضلاء.
(٣) نفس المصدر.
(٤) شرح المطالع للرازي ١/١١١.