والكتاب بمنزلة التتمّة لكتاب المسالك ، لأنّه مختصر في العبادات ومطوّل في المعاملات ، وقد خرج منه العبادات في ثلاثة مجلّدات ، وكان فراغ مؤلّفه منه سنة (٩٩٨هـ).
ويمتاز هذا الكتاب بمتانة الاستدلال والاعتماد على الروايات المسلّمة الاعتبار ، ومن هذه الروايات يختار ما كانت دلالتها واضحة وينتقي من الأدلّة العقلية ما كان متسالماً عليه.
ومن مميّزاته أيضاً أنّه ينقل الرواية بكاملها مع الدقّة في نقلها ، ولذا كان من الكتب المعتمدة في نقل الرواية وقوّة الاستدلال(١).
وكان من منهج المصنِّف ومبناه هو اعتقاده بضعف ما يرويه غير الإمامي الاثني عشري أيّاً ما كان ، ولذلك تعرّض إلى بعض الانتقادات ، ومنها انتقاد الشيخ البحراني للمصنّف بأنّه قد سلك في الأخبار مسلكاً وعراً ونهج منهجاً عسراً ، قال قدّس سرّه ما لفظه :
«فإنّه [صاحب المدارك] ردّ أكثر الأحاديث من الموثّقات والضعاف باصطلاحه ، وله فيها اضطراب كما لا يخفى على من راجع كتابه ، فيما بين أن يردّها تارة ، وما بين أن يستدلّ بها أخرى ، وله أيضاً في جملة من الرجال مثل إبراهيم بن هاشم ومسمع بن عبد الملك ونحوهما اضطراب عظيم ، فيما بين أن يصف أخبارهم بالصحّة تارة وبالحسن أخرى ، وبين أن يطعن فيها ويردّها ، يدور في ذلك مدار غرضه في المقام ، مع جملة من المواضع التي سلك فيها سبيل
__________________
(١) مقدّمة مدارك الأحكام ١ / ٣٧.