في حين أنّ (العمى) دلالة التزامية للبصر من قبيل تلازم الملكة وعدمها ، فإنّ الذهن عندما يتصوّر (البصر) فإنه يتصوّر أيضاً (عدم البصر) ، وهو الأمر نفسه في غيره من الملكات.
ويقول القرافي (ت ٦٨٤ هـ) في اشتراط اللزوم الذهني : «أنّ اللفظ إذا أفاد مسمّاه واستلزم مسمّاه لازمه في الذهن كان حضور ذلك اللازم في الذهن والشعور به منسوباً لذلك اللفظ ، فقيل : اللفظ دلّ عليه بالالتزام ، أمّا إذا لم يلزم حضوره في الذهن من مجرّد النطق بذلك اللفظ وحضور مسمّاه في الذهن كان حضوره في الذهن منسوباً لسبب آخر؛ إذ لا بدّ في حضوره من سبب؛ فإفادته منسوبة لذلك السبب لا للفظ ، فلا يقال : إنّه فهم من دلالة الألفاظ التي نطق بها»(١).
كما أنّ اشتراط اللزوم الذهني دون الخارجي لأمر في غاية الأهمّية ، ذلك أنّ اللفظ قد يدلّ على معنى يستلزم مدلولاً في الذهن غير مستلزم إيّاه في الخارج ، كما في تلازم الملكة وعدمها ، فالذهن حينما يتصوّر الملكة فإنّه سرعان ما يتصوّر أيضاً عدمها ، مع أنّ اجتماع الملكة وعدمها منتف في الخارج قطعاً ، وذلك نحو البصر والعمى كما بيّنّا سابقاً.
واشتراط الشيخ مَيْثَم لا يتوقّف عند اللزوم الذهني فحسب ، بل إنّه يحدّده بـ : (اللزوم البيّن) دون غيره ، وقد مرّ تعريفه.
__________________
(١) شرح تنقيح الفصول : ٢٧ هكذا ، والحق أنّ الفعل (نسب) يتعدى بـ : (إلى) لا بـ : (اللام).