عبّر عنها بـ : (الدلالة الوضعية الصرفة) ، ويعني بها دلالة المطابقة لما مرّ في (ثانياً) من هذا المبحث ، وذلك لأنّها استعمال اللفظ فيما وُضِع له استعمالاً مقصوداً بالذات ، وهو واضح ، فإنّ لفظ (بيت) مثلاً وضع لهذا البناء المعروف ، فحينما يُستخدم في ذلك فإنّه استعمالٌ حقيقي.
وهذا التعريف للحقيقة مستسقى من كلام الشيخ مَيْثَم نفسه وإنْ لم يصرّح به ، فالشيخ يصرّح بأنّ المجاز (استعمال اللفظ في غير ما وُضِع له استعمالاً مقصوداً بالذات) ، وينبغي لنا الالتفات إلى قوله (مقصوداً بالذات) ، إذْ ينطلق منه الشيخ للحكم على دلالتَيْ التضمّن والالتزام ، ومنه حكم على دلالة المطابقة بالحقيقة.
فـ : (الإرادة) أو (القصد) ـ كما عبّر الشيخ ـ و (القصد بالذات) دون سواه ركيزة أساسية في الحكم على استعمال الدلالات ، ومنها حكم على استعمال دلالتَيْ التضمّن والالتزام بأنّه استعمالٌ (لا حقيقي ولا مجازي) ، وهو حكمٌ قد يبدو غريباً لا سيّما وأنّه لا يبدو أنّ ممّن تقدّم الشيخ قد ألمح إلى هذا الرأي أو اعتنى بتصنيف هذه الدلالات (بحسب ما وقعت عليه يدي من التصانيف).
أمّا (الإرادة) أو (القصد) فهو واضح ، وهو إرادة المتكلّم من إطلاق اللفظ وقصده ، وأمّا (بالذات) فقد احترز به عن القصد (بالعرض) لا بالذات ، فالمتكلّم قد يطلق اللفظ قاصداً المعنى الموضوع له بذاته ، ويكون ناظراً في الوقت نفسه لمعنى آخر ثانوي بالقياس إلى قصده للمعنى الأوّل المقصود بذاته ، فمثلاً ، قد يطلق المتكلّم لفظ (البيت) ويقصد به البناء المعروف ،