ويكون ناظراً في الوقت نفسه للجدران كونها جزءاً من البيت ، فإنّ قصده من إطلاق اللفظ وإرادة البناء المعروف قصداً له بالذات ، في حين إنّ قصده من الجدران حال إطلاقه للّفظ هو قصدٌ عرضي لا ذاتي ، فإنّه لو لم يتصوّر الجدران حال إطلاقه للّفظ فإنّ ذلك لن يؤثّر في قصده؛ لأنّه لا يقصدها بذاتها حال إطلاقه اللفظ ، وإنّما قصد البناء المعروف.
وعوداً إلى دلالتَيْ التضمّن والالتزام ، فإنّ الشيخ يقرّر أنّهما ليستا حقيقيّتَيْن؛ لأنّهما ليستا من قبيل (استعمال اللفظ فيما وُضِع له استعمالاً مقصوداً بالذات) ، فلم يُعهد أنّ أحداً ما ادّعى أنّ الألفاظ موضوعةٌ لمعانيها التضمّنية والالتزامية ، وإنّما إجماع العلماء على وضعها لمعانيها المطابقية فحسب ، فلفظ (بيت) مثلاً وضع للبناء المعروف ، ولم يوضع بإزاء معنى (السقف) كون معنى (بيت) يتضمّنه ، كما أنّه ـ أي لفظ (بيت) ـ لم يوضع بإزاء معنى (ساكني البيت) كونه معنىً التزامياً للمعنى المطابقي للفظ (بيت).
ومع كون هاتَيْن الدلالتَيْن ليستا حقيقيّتَيْن ، فإنّهما ليستا مجازيّتَيْن أيضاً ، فهما وإنْ كانتا استعمالاً للّفظ في غير ما وُضِع له ، إلاّ أنّهما استعمالٌ (غير مقصود بالذات) ، وذلك لأنّ هاتَيْن الدلالتَيْن قد تحصلان من استعمال اللفظ في مسمّاه ، أي في معناه المطابقي ، ولكن حصولاً عرضيّاً ، لا مقصوداً بالذات ، فقد ينتقل الذهن عند إطلاق اللفظ وإرادة مسمّاه المطابقي إلى جزئه أو إلى لازمه ، غير أنّه انتقالٌ عرضي ، لأنّ مطلق اللفظ لا يريد جزء المسمّى أو لازمه ، وإنّما يريد المسمّى نفسه ، بل قد ينتقل الذهن عند إطلاق اللفظ