وإرادة مسمّاه إلى جزء جزئه ، ولازم لازمه ، وهكذا في مراتب كثيرة ، فكلّ ذلك الانتقال لم يقصده المتكلّم ، وإنّما قصد المعنى المطابقي الموضوع له اللفظ.
وبالتمثيل بمثالنا السابق ـ وهو لفظ (بيت) ـ فإنّ المتكلّم إذا أطلقه مريداً مسمّاه الموضوع له ، وهو البناء المعروف ، فكما أنّ الذهن قد ينتقل إلى جزئه (الدلالة التضمّنية) كـ : (السقف) ، فإنّه قد ينتقل إلى جزء (السقف) من (حجر) وغيره ممّا يدخل في مفهوم (السقف) ، وربّما إلى (جزء جزء الجزء) وهكذا في عدّة مراتب. وكذلك الأمر في اللوازم ، فكما أنّ الذهن قد ينتقل إلى لازم معنى لفظ (بيت) ، كـ : (ساكني البيت) ، فإنّه قد ينتقل إلى لازم اللازم ، كـ : (اللبس) ، فإنّه من لوازم (ساكني البيت) ، كما قد ينتقل إلى مراتب أخرى من اللوازم ، كـ : (لازم لازم اللازم) وغيرها من المراتب ، كل ذلك والمتكلّم لم يرد هذه الدلالات وهذه الانتقالات من الذهن ، وإنّما أراد المعنى الموضوع له اللفظ فحسب.
كلّ ذلك يأتي إذا فرضنا إطلاق اللفظ وإرادة مسمّاه فقط ، فإنّه يكون استعمالاً (حقيقيّاً) في مسمّاه ، أي في المعنى المطابقي الذي وُضِع اللفظ بإزائه ، و (لا حقيقيّاً ولا مجازيّاً) في دلالتَيْ التضمّن والالتزام ، أي في انتقال الذهن إلى الضمن واللازم مع إرادة دلالة المطابقة ، كما بيّنّا قبلاً.
وتبقى حالة ثالثة يُشير إليها الشيخ في جملة واحدة من دون تفصيل ، بل معتمداً على الإيجاز ، وكأنّه يُعيد القارئ إلى سابق كلامه ليفهم ما أجازه.