وحقيقة هذا الوهم هو عدم الالتفات إلى أمر في غاية الأهمّية ، وهو المفرّق الفعلي بين المفرد والمركّب ، وهو (الإرادة) ، أي إرادة المتكلّم ، فإنّ (عبد الله) وأمثاله كـ : (عبد شمس) وسواهما من الأمثلة ، قد يريد اللافظ بالجزء منها دلالة فعلاً ، فتكون حينئذ مركّبة ، وذلك في مثل الوصف ، كأنْ يُقال : (محمّد عبد الله) ، أي : محمّد عبدٌ ومملوكٌ لله تعالى ، وقد لا يريد اللافظ بالجزء منها دلالة أبداً ، وذلك في نحو الأعلام ، فإنّ (عبد الله) حينما يكون علماً على شخص ما ، فإنّ المتكلّم لا يلحظ معنى العبودية من (عبد) ثمّ معنى الألوهية من (الله) ، وإنّما يتساوى عنده (عبد الله) و (زيد) ، فكما أنّ الزاي والياء والدال ليس لشيء منها دلالة ، كذلك ليس للعين والباء والدال ، ولا لعبد ولا (الله) دلالة.
وقد عمد المتأخّرون ـ بحسب وصف الشيخ مَيْثَم ـ ، أو لنقل بعضهم إلى زيادة قيد في تعريفَيْ المفرد والمركّب لتجنّب ما قد يتوهّم من أنّه إشكال كما ظهر ، فزادوا في التعريفَيْن جملة (من حيث هو جزؤه). ولا حاجة إلى هذه الزيادة ـ كما يرى الشيخ ـ ، فإنّ قوله في تعريف المفرد : «ما لا يُراد بالجزء منه دلالة أصلاً» جعل معيار تحديد المفرد من المركّب هو إرادة اللافظ ، فانتفى الإشكال ، ولذلك يتساوى تعريف الشيخ مَيْثَم والمتقدّمين مع تعريف المتأخّرين فيما يفضيان إليْه من نتيجة.
فتعريف الأقدمين يلحظ إرادة المتكلّم ، فإذا أراد اللافظ دلالة جزء اللفظ فإنّ هذا اللفظ يكون مركّباً ، وإلاّ فهو مفرد ، «فدلالة اللفظ لمّا كانت