فإنّه لن يجد تفاوتاً بين الأفراد في صدق معنى هذا الكلّي عليهم ، فـ : (زيد) و (محمّد) و (علي) إلى آخر أفراد الإنسان من حيث الإنسانية هم سواء ، فليست إنسانية أحدهم أشد ولا أضعف من الآخرين ، وإنْ كانوا متفاوتِين ففي نواح أخرى غير الإنسانية ، كتفاوتهم في الطول والقوّة واللون وما إلى ذلك.
والأمر الآخر ، أنْ تكون نسبة هذا المعنى الكلّي إلى أفراده لا بالسويّة ، «بل في بعضها أوّل وأوْلى ، وأشدّ وأضعف ، وهو المشكّك(١)»(٢) ، وذلك أنّه
لو لاحظ أحدهم كلّياً مثل (البياض) ، أو مثل (الوجود) ـ كما مثّل الشيخ ـ ثمّ لاحظ أفراده ، فإنّه سيجد ـ خلافاً للصنف السابق ـ تفاوتاً بين تلك الأفراد في صدق ذلك المعنى عليها ، فـ : (بياض الثلج) أشدّ من (بياض الورقة) ، مع أنّ كلاًّ منهما (بياض) ، وهذا الاختلاف من حيث هذا المعنى الجامع لهما الذي ينطبق عليهما ، وهو (البياض) ، لا من حيث نواح أخرى. والأمر نفسه في مثال الشيخ مَيْثَم ، وهو (الوجود) ، فوجود الخالق أوْلى من وجود المخلوق ، ووجود العلّة متقدّم على وجود المعلول ، وكلّ هذا التفاوت من حيث المعنى الكلّي الجامع لها جميعاً ، وهو (الوجود) نفسه.
هذا كلّه إذا اتّحد اللفظ والمعنى ، وكان المعنى كلّياً ، أمّا إذا كانا متحدَيْن
__________________
(١) قال القرافي : «سمّي كذلك لأنّه يشكّك الناظر فيه هل هو مشترك أو متواطئ فإنْ نظر إلى إطلاقه على المختلفات ، قال : هو مشترك كالقرء أو إلى أنّ مسمّاه واحد قال : هو متواطئ». [شرح تنقيح الفصول للقرافي :٣١].
(٢) شرح نهج البلاغة للبحراني ١/٣٨.