الخاتمة
في ختام هذا البحث ، نجد أنّنا نقف بإزاء قامة شمّاء يصعب الإحاطة بجميع جوانبها وآثارها ، أعني العالم الربّاني وصاحب الشرح المشهور لنهج البلاغة ، كمال الدين مَيْثَم بن علي بن مَيْثَم البحراني ، فبالوقوف على ثلاث مسائل من مسائل لغوية عدّة ، ومسائل أخرى بلاغية وكلامية وغيرها يتضمّنها شرح نهج البلاغة عموماً ، ومقدّمته خصوصاً ، من خلال استعراض هذه المسائل الثلاث نسلّم بتلك الحقيقة التي ابتدأت بها هذه الخاتمة.
ومن خلال استعراضنا السابق ، نجد الشيخ مَيْثَم لا يسلّم دائماً بالنتائج التي وصل إليْها مَن سبقه من العلماء ، فبعد أنْ يطرح الآراء وينسبها إلى أصحابها ، يعمد إلى مناقشتها نقاشاً علميّاً يعتمد على الدليل ، كما في قوله : «الدلالة الأولى هي التي بحسب الوضع الصرف ، وأمّا الباقيتان فزعم فخر الدين وجماعة من الفضلاء أنّهما عقليّان ...»(١) ، فبعد هذا يعمد الشيخ إلى الردّ عليه منتصراً لرأيه القائل بوضعيّتهما.
وممّا يدلّل على عظمة الشيخ مَيْثَم انفراده ببعض الآراء والمسائل ، فإذا كانت هذه المسائل قد تناولها مَن سبقوه من العلماء ، فهذا لا يعني أنّه يتماهى معهم ويسير في إثرهم دائماً ، وهذا ما نجده في النقطة الرابعة من المبحث الأوّل من الفصل الثاني ، فالشيخ مَيْثَم ينفرد بذكر مسألة (الدلالات اللفظية بين
__________________
(١) شرح نهج البلاغة للبحراني ١/٥.