(دار العلم) تعهّد بكفاية طلاّبها مؤونة العيش ومطالب الحياة (١) ، وقد وقف عليها قرية من قراه تنفق مواردها على قراطيس الفقهاء والتلاميذ الذين كانت تجري عليهم الجرايات الشهرية ، كالشيخ الطوسي الذي كان يجري عليه اثني عشر ديناراً في كلّ شهر ، ولا عجب في ذلك ، فقد قدّر المؤرّخون دخله من أملاكه الخاصّة بأربعة وعشرين ألف دينار في العام. كما ذكروا : أنّه كان يمتلك من القرى والضياع نحو ثمانين قرية بين بغداد وكربلاء ، ينساب فيما بينها نهر حُفّ بالأشجار الوارفة الظلال (٢).
يقول ابن خلّكان : نقلاً عن ابن بسّام الأندلسي : «كان هذا الشريف إمام أئمّة العراق بين الاختلاف والاتّفاق ، إليه فزع علماؤها ، وعنه أخذ عظماؤها ، صاحب مدارسها ، وجمّاع شاردها وآنسها ، ممّن سارت أخباره ، وعُرفت به أشعاره ، وحُمدت في ذات الله مآثره وآثاره ...» (٣).
وكان رحمه الله نظّاراً متكلّماً ، يسترعي إعجاب الحاضرين ، وقد سئل عنه أبو العلاء المعرّي بعد أن حضر مجالسه ، فاجاب :
يا سائلي عنه لمّا جئت أسأله |
|
فإنّه الرجلُ العاري عن العار |
لو جئتَه لرأيت الناسَ في رجل |
|
والدهرَ في ساعة والأرضَ في دارِ (٤) |
وكان الفيلسوف نصير الدين الطوسي رحمهالله إذا جرى ذكر المرتضى في درسه
__________________
(١) الحضارة الإسلامية ١ / ٣١٢ ؛ رياض العلماء ٣ / ٣٦٥.
(٢) أدب المرتضى : ١١٠.
(٣) وفيات الأعيان ٣ / ٣١٣ ، رقم ٤٤٣.
(٤) بحار الأنوار ٤ / ٥٨٧ [١٠ / ٤٠٦ باب ٢٦].