الوضوء والشرب من الماء الذي لاقته النجاسة إلا مع غلبة أوصاف النجاسة (١).
وأمام هذا الكمّ الكبير من الأحاديث المتعارضة كان لابدّ له من تحليل ظروف السؤال والسائل ومعرفة المكان والزمان وطبيعة الحالة المرتكزة زمان ومكان صدور النصّ ، وهذا ما يفهم من كلام المصنّف ملخَّصاً بما يلي :
أوّلاً : إنّ الغالب في السؤال الوارد في تلك الروايات إنّما هو عن مياه الحياض والغدران والطرق من حيث عموم الحاجة إليها وعموم البلوى بها سيّما في الأسفار ، وتلك المياه عادة لا تنفكّ عن بلوغ الكرور المتعدّدة فضلاً عن الكرّ الواحد ، وجواب الإمام عليهالسلام كان يلحظ هذا الصنف من المياه الكثيرة التي لا ينفعل معها الماء بمجرّد الملاقاة.
ثانياً : إنّ المناط في النجاسة والطهارة هو التغيّر وعدمه في تلك الأحاديث المسؤول فيها عن مثل وقوع الميتة والجيفة وأبوال الدوابّ ونحوها ممّا يكون مغيّراً للماء وإن كثر دون جعله مناطاً لهما في مثل قطرة من بول أو دم أو نحو ذلك إذا لاقت تلك المياه القليلة.
ثالثاً : إنّ في بعض تلك الروايات ورد: «تبول فيه الدوابّ» بلفظ الجمع ، وفي بعضها: «تردها السباع والكلاب والبهائم» وذلك أعمّ من أن يكون دفعة أو دفعات ، وورود الدوابّ والسباع والبهائم للشرب أو لغيره وتبوّلها في الماء إنّما يكون في المياه التي لا تنقص مساحتها عن كرور عديدة فضلاً عن كرّ ، وما قدر كرّ من ماء وما قدر مساحته حتّى يُحتمل أنّه يفي لمثل هذه الأمور.
__________________
(١) الحدائق الناضرة ١ / ٢٩٠ ـ ٣٩٣.