الجمعة زمن غيبة الإمام عليهالسلام والذي جاء هذا البحث في أكثر من مائة صفحة من صفحات المجلّد التاسع من الكتاب ، وقد ذكر قدّس سرّه أنّه لا خلاف بين الأصحاب في وجوب صلاة الجمعة عيناً مع حضوره عليهالسلام أو نائبه الخاصّ وإنّما الخلاف في زمن الغيبة ، ولكنّه قبل ذكر الأخبار والأقوال وماهو المختار الظاهر من الآية وأحاديث العترة الأطهار ابتدأ بحثه بتحقيق وصفه بالمهمّ خاطب به ذوي الأفهام عسى أن تنكشف به ـ كما قال ـ غشاوة الإبهام ، قال ما نصّه :
«لا ريب أنّ الظاهر من الأخبار حتّى كاد أن يكون كالشمس الساطعة على جميع الأقطار هو الوجوب العيني الذي لايختلجه الشكّ منها والإنكار متى لوحظت في حدّ ذاتها بعين الإنصاف والاعتبار ، إلاّ أنّ الشبهة قد دخلت على جُلّ أصحابنا رضوان الله عليهم في هذه المسألة من وجهين فأسقطوا بذلك فيها الوجوب العيني من البين ، أحدهما : عدم جواز العمل بخبر الواحد ، فإنّ بعضاً منهم منع من العمل به وبعضاً توقّف في ذلك ، وتحقيق ذلك في الأصول ، وثانيهما : من أخذ الإجماع مدركاً شرعيّاً كالكتاب والسنّة النبوية وجعله دليلا مرعيّاً يُعتمد عليه في الأحكام الشرعية» (١).
ثمّ أخذ يناقش بإسهاب وتفصيل ما ذهب إليه جلّ الأصحاب في كلا الأمرين معاً ـ أقصد عدم تجويزهم العمل بخبر الواحد وأخذهم الإجماع مدركاً للحكم الشرعي ـ مثبتاً جواز العمل بمثل هذه الأخبار وعدم حجّية تلك الإجماعات كأدلّة على الأحكام ، كلّ ذلك طبقاً لمدرسته الأخبارية وموقفها
__________________
(١) الحدائق الناضرة ٩ / ٣٥٥.