(سعادة دائمة) فقام كلٌّ منهما مقام الخبر عن الثاني ، فتمّ الكلام بهما من دون تقدير أو حذف.
٣ ـ في قوله عليهالسلام يصف الدنيا : «أَلاَ وَإِنَّ اليَوْمَ المِضْمَارَ ، وغَداً السِّبَاقَ ، السَّبَقَةُ اَلْجَنَّةُ ، والغَايَةُ النَّارُ»(١).
نقل الشرّاح أنّ (المضمار ، والسباق) فيهما روايتان : الرفع على أنّهما خبران لـ : (إنّ) و (اليوم وغداً) اسماها ، ورجّحه الراوندي ، فقال : «الأحسن أن يجعلَ (اليوم) اسماً صريحاً ، ويكونُ اسمَ (إنّ) ويُرْفَعُ المضمارُ على أنَّه خبرُ (إنّ) وعلى هذا إعراب (وغداً السباق)»(٢) ، واختار ابنُ أبي الحديدِ نَصْبَ (المضمار والسباق) على أنّهما اسما (إنّ) ، فيكون الظرفانِ خبرينِ ، وموضعُهما الرفعُ ، لأنّ «ظرفَ الزّمان يجوزُ أنْ يكونَ خبراً عن الحدثِ»(٣).
أمّا البحراني فجوّز الإعرابين دونما اختيار لأحدهما ، وأشار إلى اختلاف المعنى بين رفعِ (المضمار والسباق) ونصبهما ، فَفَهِم من رأي الراوندي الذي اختار رفعَهما أنَّه جَعَلَ (اليوم ، وغداً) اسمينِ صريحينِ ، فاليوم كنايةٌ عن أيّام الإنسان الباقية من عمره ، وقد خَرَج عنِ الظرفية المبهمةِ إلى المعرفةِ ، والأمرُ كذلك في (غداً) التي هي كنايةٌ عمّا بعدَ الموت ، أي : يوم الحساب ، فصلُح مجيءُ الظرفين في موضعِ الابتداءِ ، قالَ : «وليس (اليوم) هنا دالاًّ على الظرفية ، وإنَّما قُصِد
__________________
(١) نهج البلاغة (الخطبة ٢٨) ٦١.
(٢) منهاج البراعة ١ / ٢١٨.
(٣) المصدر نفسه ١ / ٢١٨.