نشأ وتعلّم في بخارى ، وطاف البلاد ، وناظر العلماء ، واتّسعت شهرته ، وتقلّد الوزارة في همدان ، وثار عليه عسكرها ونهبوا بيته ، فتوارى ثمّ صار إلى إصفهان وصنّف بها أكثر كتبه .. صنَّف نحو مائة كتاب ، بين مطوّل ومختصر ، ونظم الشعر الفلسفي الجيّد .. وأشهر كتبه القانون في الطبّ كتاب كبير في الطبّ ، بقي معوّلاً عليه في علم الطبّ وعمله ستّة قرون ، وترجمه الأفرنج إلى لغتهم ، وكانوا يتعلّمونه في مدارسهم ، وطبعوه بالعربية في روما ، وهم يسمّون ابن سينا (Avicenne) وله عندهم مكانة رفيعة. ومن تصانيفه المعاد ، ورسالة في الحكمة ، والشفاء في الحكمة أربعة أجزاء ، وأسرار الحكمة المشرقية ثلاث مجلّدات ، وأرجوزة في المنطق ، والإشارات في الفلسفة ، ورسالة في الفلسفة ، وأشهر شعره عينيّته التي مطلعها : (هبطت إليك من المحلّ الأرفع) وقد شرحها كثيرون ..»(١).
ولا نريد أن نسترسل كثيراً في بيان سيرة هذا الفيلسوف المشّائي ، والطبيب الإيراني ، فالمعلومات عن سيرته وافية جدّاً ؛ فقد دوّن سيرته بنفسه ، ودوّنها أيضاً أحد تلامذته(٢).
وأمّا عن دوره في إرساء المدرسة الفلسفية في العالم الإسلامي : فممّا لا شكّ فيه : «إنّ فلسفة ابن سينا بشكل عامّ ـ سيّما في بعض مبادئها ـ قد تركت تأثيراً عظيماً وراسخاً على الفكر الفلسفي الإسلامي من بعده .. وهذا النظام الفلسفي ـ عند ابن سينا ـ خليط من أهمّ العناصر الأساسية في الفلسفة المشّائية والأرسطية ،
__________________
(١) الأعلام ٢ / ٢٤١ ـ ٢٤٢.
(٢) دائرة المعارف الإسلامية الكبرى ٣ / ٣٠١.