ومن خلال مصنّفات أوائل القرن الثاني وما تلاه من القرون يتبيّن أنّ موضوع النسخ قد تناوله علماء الإسلام ـ سواء من الناحية النظرية أو من ناحية تعيين الآيات المنسوخة ـ في تلك الحقبة.
وقد بدأ البحث عن المفردات الدخيلة في القرآن وعن أبحاث مثل غريب القرآن ومشكل القرآن منذ القرون الهجرية الأولى ، وقد بلغت المصنّفات التفسيرية والعلوم القرآنية ذراها في غضون القرنين الثاني والثالث الهجريّين ، فقد ذكرت المصادر القديمة الموافقين والمخالفين لوجود المفردات الدخيلة على القرآن منذ زمن ابن عبّاس ومدرسته التفسيرية في مكّة وحتّى الحقبة الزمنية للشافعي في أواخر القرن الثاني الهجري ، كما أنّ تدوين وتصنيف الكثير من المصنّفات المستقلّة في باب مشكل القرآن أو غريب القرآن أيضاً أصبحت أكثر تداولاً في غضون القرنين الثاني والثالث الهجريّين ، حيث نعثر على بعض تلكم العناوين في فهرست ابن النديم(١) ، حتّى أنّ النجاشي قد نسب مصنّفات مثل غريب القرآن وفضائل القرآن إلى أقدم أصحاب الأئمّة عليهمالسلام مثل أبان بن تغلب (ت١٤١ هـ) (٢) ، هذا وإنّ القراءات ونظام نقل مختلف القراءات أيضاً قد دوّنت وتمّ ضبطها ضبطاً دقيقاً في أقدم النصوص الإسلامية ومن جملتها كتب المصاحف ، والآثار الأدبية في باب القرآن (مثل مجاز القرآن ، مشكل القرآن وغريب القرآن) ، ولذلك فقد اهتمّوا بهذا الأمر في غضون القرون الثلاثة الأولى
__________________
(١) فهرست ابن النديم : ٣٧.
(٢) انظر : رجال النجاشي ١ / ١١.