وقد أبدى علماء الإسلام في هذه الحقبة إلى جانب بحث القراءات اهتماماً مستقلاًّ لبعض الأبحاث الحديثية والتفسيرية ، وأحد تلك الأبحاث هو تبيين الوجوه المختلفة لنقل رواية (الأحرف السبعة) وبيان الوجوه المختلفة في فهم تلكم الروايات ، حيث إنّ اهتمام مفسّري ومحدّثي علماء الإسلام في القرون الأولى بهذه المسألة لا يمكن قياسه مع اهتمامهم بموضوع إعجاز القرآن ، وقد ذكرت روايات عديدة في ردّ أو تأييد (الأحرف السبعة) حتّى في أقدم المصادر الحديثية الشيعية(١) حيث يعكس لنا ذلك مدى الجدل الحادّ في هذا الموضوع وفقدان بحث إعجاز القرآن في عصر الأئمّة عليهمالسلام وفي أجواء المحدّثين الشيعة. ولابدّ من الإشارة هنا إلى أنّ الطبري في نهاية القرن الثالث الهجري تكلّم بصورة مفصّلة حول هذه المسألة في بداية تفسيره إلاّ أنّه لم يتطرّق إلى إيّ شيء في باب إعجاز القرآن لا في مقدّمة التفسير ولا في سائر فصول هذا التفسير ، ولم يتناول بتاتاً اصطلاحات من قبيل إعجاز القرآن أو معجزة القرآن وأمثالهما ، وقد أشار إشارات قليلة إلى هذا الموضوع في تعليقه على الآية (٢٣) من سورة البقرة وذلك فيما يخصّ مسألة التحدّي في القرآن(٢).
كما أنّ في روايات أئمّة الشيعة أيضاً قلّما نعثر على إشارة إلى موضوع إعجاز القرآن وتبيين وجوهه(٣) ، هذا في حين أنّ مواضيع مثل قراءات القرآن ،
__________________
(١) تفسير العيّاشي ١ / ١٢ ؛ الكافي ٢ / ٦٣٠ ؛ الخصال ٢ / ٣٥٨.
(٢) انظر :
Adang, pp.١٧٠ ـ ١٧٢ ؛ Martin, pp. ١٨٣ ـ ١٨٤ ؛ Abdul Aleem, p.٧٨ ـ ١٨٤.
(٣) انظر : عيون أخبار الرضا عليهالسلام ٢ / ١٣٠ ؛ الهداية الكبرى : ٧١ حيث إنّ المصدر الأخير اشتمل على سائر معجزات الرسول الأعظم (صلى الله عليه وآله).