العامل الأوّل
الجدل الكلامي اليهودي ـ المسيحي ـ الإسلامي
إنّ أوّل المناظرات الكلامية لليهود والمسيحيّين والمسلمين حدثت في القرن الأوّل الهجري ، وتطوّر هذا الأمر تدريجيّاً وصار أكثر تكاملاً في القرنين الثاني والثالث الهجريّين ، ومن ثمّ أخذ أبعاداً جديدة في القرون اللاحقة حتّى تبلورت فيه مسائل جديدة ، حيث نرى في تلك القرون جدلاً بين المسلمين وأهل الكتاب في باب حقّانية الدين الإسلامي وأصالة دعوة الرسول الأعظم (صلى الله عليه وآله). فمن الأمور الأساسية التي كانت تناقش في هذه المناظرات هي حقّانية رسالة الرسول الأعظم محمّد (صلى الله عليه وآله) في قبال دين المسيحية وإبطال معتقد التثليث. فإنّ الشواهد من النصوص والروايات الإسلامية في مصنّفات المسلمين والرجوع إلى بعض فصول العهد القديم والعهد الجديد في مناظراتهم إنّما كانت بصدد إثبات نبوّة الرسول الأعظم (صلى الله عليه وآله) أو إثبات أفضليّته وأفضلية دين الإسلام على النبي عيسى عليهالسلام والمسيحية. وفي المقابل فإنّ النصوص المسيحية أيضاً كانت تردّ وتنكر هذا الأمر من خلال الرجوع إلى شواهد من نصّ القرآن أو من كتبهم السماوية في دعم مزاعمهم وادّعاءاتهم ، ومثال ذلك ما قام به تيموثاوس الأوّل (Timothy١) في كتابه إلى المؤمنين في البصرة حيث استشهد بالآية (١٧١) من سورة النساء دليلاً على حقّانية التثليث(١).
إنّ كتب علماء الإسلام الأوائل التي صنّفت للدفاع عن الإسلام ونبوّة
__________________
(١) Thomas, ١/٥٢٧, cf. Ibid, p. ٥٢٣.