الاشراف من العرب وقريش على الموالي والعجم، ومن تخاف عليه من الناس فراره الى معاوية فقال لهم امير المؤمنين : « اتأمروني ان اطلب النصر بالجور ، ولا والله لا افعل ما طلعت شمس ولاح في السماء نجم ، والله لو كان مالهم لي لواسيت بينهم ، وكيف وانما هو اموالهم الخ » (۱) .
(١) الوسائل الباب ۳۹ من ابواب الجهاد الحديث ٦ .
روى السيد على بن احمد الشيرازى شارح الصحيفة الكاملة في الحديث المسلسل بالاباء عن رسول الله (ص) انه قال : « ان عليا ممسوس في ذات الله » . قال في الاساس: رجل ممسوس أي مجنون » شبهه (ص) في تشدده وتصلبه في الامور الالهية وعدم ملاحظة للوم لائم ، أو رعاية جانب بالمجنون الذى لا يبالي بما يقال فيه من لوم أو مذمة ، ولذلك ينسبه اعداؤه الى عدم معرفته بتدبير الحروب ، واستمالة قلوب الرجال حتى فارقه كثير من اصحابه ، والتحقوا بمعاوية وهو (ع) لا يلتفت الى شيء من ذلك في التصميم على ايثار الحق والعدل والعمل بهما ولو كره الكافرون . حكى الشعبى قال: دخلت الكوفة وانا غلام في غلمان فاذا أنا بعلى (ع) قائما على صرتين من ذهب وفضة فقسمهما بين الناس حتى لم يبق شيء ، ثم انصرف ولم يحمل الى بيته قليلا ولا كثيرا ، فرجعت الى أبي فقلت : لقد رأيت اليوم خير الناس او احمق الناس ! قال : من هو ؟ قلت : على بن ابی طالب (ع) رأيته يصنع كذا فقصصت عليه ، فبكى وقال : يا بنى بل رأيت خير الناس . وقال ابن ابی الحديد : «كان (ع) شديد السياسة خشنا في ذات الله ، لم يراقب ابن عمه ـ يريد عبد الله ابن عباس - في عمل كان ولاه اياه ، ولا راقب أخاه عقيلا في كلام جبهه به ، واحرق قوما بالنار ، وقطع جماعة ، وصلب آخرين ، ولم يبلغ كل سايس في الدنيا في قتله وبطشه وانتقامه مبلغ العشر مما فعل في حروبه بیده و اعوانه » انتهى .
ويحتمل أن يكون وجه التشبيه بالممسوس ما كان يعتريه (ع) من الغشية والهزة لخشية الله عند اشتغال سره بملاحظة جلال الله، ومراقبة عظمة الله سبحانه كما تضمنه حديث أبي الدرداء الذي حكى فيه شدة عبادته حتى قال : فاتيته فاذا هو كالخشبة ملقاة فحركته فلم يتحرك فاتيت منزله مبادراً أنعاه فقالت فاطمة (ع) : ما كان من شأنه ؟ فاخبرتها فقالت : هي والله الغشية التي تأخذه من خشية الله تعالى . (القمي (قده) .