ولا يحير فيه عن الصواب ، فهو معصوم مؤيّد موفّق مسدّد ، قد أمِنَ من الخطايا والزّلل والعثار يخصّه اللّه بذلك ؛ ليكون حجّته على عباده وشاهده على خلقه وذلك فضل اللّه يؤتيه من يشاء من عباده واللّه ذو الفضل العظيم .
فهل يقدرون على مثل هذا فيختارونه ؟ أو يكون مختارهم بهذه الصفة فيقدّمونه ؟ تعدّوا ـ وبيت اللّه ـ الحقّ ونبذوا كتاب اللّه وراء ظهورهم كأنّهم لا يعلمون وفي كتاب اللّه الهدى والشفاء ، فنبذوه واتّبعوا أهواءهم فذمّهم اللّه ومقتهم وأتعسهم ، فقال جلّ وتعالى : ( وَمَنْ أَضَلُّ مِمَّنِ اتَّبَعَ هَوَاهُ بِغَيْرِ هُدًى مِنَ اللَّهِ إِنَّ اللَّهَ لَا يَهْدِي الْقَوْمَ الظَّالِمِينَ ) (١) وقال : ( فَتَعْسًا لَهُمْ وَأَضَلَّ أَعْمَالَهُمْ ) (٢) ، وقال : ( كَبُرَ مَقْتًا عِنْدَ اللَّهِ وَعِنْدَ الَّذِينَ آمَنُوا كَذَٰلِكَ يَطْبَعُ اللَّهُ عَلَىٰ كُلِّ قَلْبِ مُتَكَبِّرٍ جَبَّارٍ ) (٣) » (٤) .
فمن خلال هذا الحديث نعرف أنّ الإمامة مسؤولية كبرى تعطى من قِبَل اللّه تعالى بعد الاختبار والكمال ، فالإمام قدوة للمجتمع والقاعدة الإيمانية المتجسّدة التي يتحرك المجتمع منها ، فهو قدوة الناس في أفعاله وأقواله ، بحيث يمثل القاعدة التي ينطلق من خلالها الناس إلى القيم التي يؤمنون بها ، لتكون حياته الوجه الأمثل للقيمة الروحية للحياة ، فهي تختلف عن النبوّة في مفهومها ؛ فإنّ النبوّة تعتبر منطلقاً للدعوة على أساس الوحي والرسالة ، بينما تعتبر الإمامة قاعدة للاقتداء والاتّباع على أساس الطاقات الفكرية والروحية والعلمية التي يملكها ، فكأنّ النبوّة صفة تأتي
__________________
(١) سورة القصص ٨ : ٥٠ .
(٢) سورة محمّد ٤٧ : ٨ .
(٣) سورة غافر ٤٠ : ٣٥ .
(٤) الكافي ١ : ١٥٤/١ (باب نادر جامع في فضل الإمام وصفاته) .