عظيماً ، واختباراً كبيراً ، وامتحاناً شديداً ، وتمحيصاً بليغاً ، وفتوناً (١) مبيناً ، جعله اللّه سبباً لرحمته ، [ووصلة ووسيلة إلى جنّته (٢) ] وعلّة لمغفرته ، وابتلاءً للخلق برحمته ، ولو كان اللّه تعالى وضع بيته الحرام ومشاعره العظام بين جنّات وأنهار ، وسهل وقرار ، جمّ الأشجار ، داني الثمار ، ملتفّ النبات ، متّصل القرى [ . . . [لكان قد صغر الجزاء على حسب ضعـف البلاء .
ثمّ لو كان الأساس المحمول عليها ، والأحجار المرفوع بها ، بين زمرّدة خضراء ، وياقوتة حمراء ، ونور وضياء ، لخفّف ذلك مصارعة الشكّ في الصدور ، ولوضع مجاهدة إبليس عن القُلوب ، ولنفى مُعتلج الريب من الناس ، ولكنّ اللّه عزوجل يختبر عبيده بأنواع الشدائد ، ويتعبّدهم بألوان المجاهدة ، ويبتليهم بضروب المكاره إخراجاً للتكبّر من قلوبهم وإسكاناً للتذلّل في أنفسهم وليجعل ذلك [ . . .] أسباباً لعفوه» (٣) .
وفي نهج البلاغة : قام إلى عليّ عليهالسلام رجل ، فقال : يا أمير المؤمنين ، أخبرنا عن الفتنة ، وهل سألت رسول اللّه صلىاللهعليهوآله عنها ؟
فقال عليهالسلام : «لمّا نزل قوله تعالى : ( الم * أَحَسِبَ النَّاسُ أَنْ يُتْرَكُوا ) (٤) الآية ، علمت أنّ الفتنة لا تنزل بنا ورسول اللّه صلىاللهعليهوآله بين أظهرنا ،
__________________
(١) في الكافي وبعض المصادر : «قنوتاً» .
(٢) ما بين المعقوفين أضفناه من المصادر .
(٣) نهج البلاغة : ٢٩١ ـ ٢٩٤ الخطبة ١٩٢ بتفاوت ، الكافي ٤ : ١٩٨ / ٢ ، مدارك الأحكام للعاملي ٧ : ١٤ ، ذخيرة المعاد للسبزواري : ٥٤٨ ، تفسير نور الثقلين للحويزي ٤ : ١٥٠ / ١٣ ، الحدائق الناضرة للبحراني ١٧ : ٣٩١ بتفاوت يسير .
(٤) سورة العنكبوت ٢٩ : ١ ـ ٢ .